الذكاء العاطفي
   
موقع محافظة حضرموت / صالح علي محمد العطاس - الجمعة : 10//8/2007
الذكاء العاطفي.jpg

              بقلم : صالح علي محمد العطاس

أصبح بإمكان العلم أخيراً أن يتناول بثقة تلك الأسئلة الملحة المتعلقة بالنفس الإنسانية في أكثر صورها العقلانية ...

 وأن يرسم بقدر من اليقين خريطة للقلب الإنساني . والواقع إن رسم هذه الخريطة عن طريق العلم يطرح تحدياً على هؤلاء الذين يؤيدون تلك النظرة الضيقة للذكاء والقائلة أن حاصل الذكاء ( I.Q ) هو من المعطيات الوراثية الثابتة التي لا تتغير مع الخبرات الحياتية . وإن قدرنا في الحياة مرهون إلى حد كبير بهذه الملكات الفطرية .
 ويتجاهل هذا الرأي السؤال الأكثر تحدياً :
ما الذي يمكن أن نغيره لكي نساعد أطفالنا على تحقيق النجاح في الحياة ؟ والعوامل المؤثرة التي تجعل من يتمتع بعامل ذكاء مرتفع على سبيل المثال يتعثر في الحياة بينما يحقق آخرون من ذوي الذكاء المتواضع نجاحاً مدهشاً؟ إن جولمان يؤكد على أن هذا الاختلاف يكمن في حالات كثيرة في تلك القدرات التي تسمى الذكاء العاطفي ( The emotional Intelligence ) والذي يشمل ضبط النفس ، والحماسة ،والمثابرة والقدرة على حفز النفس .
• التناغم بين الانفعال التفكير :
إن قنوات الاتصال بين النتوء اللوزي ( الاميجدالا ) والتراكيب الجوفية المتصلة به وبين ( القشرة الجديدة ) "Neocortex" هي محور كل المعارك واتفاقات التعاون بين العقل و القلب . بين التفكير والشعور هذه الدوائر العصبية تفسر أهمية الانفعال إلى سمة لفاعلية الفكر في اتخاذ قرارات حكيمة . وإتاحة الفرصة للتفكير الواضح .
• قوة العواطف في تعطيل التفكير :
استخدم علماء الأعصاب مصطلح ( الذاكرة العاملة ) للتعبير عن القدرة على اختزان الوقائع المهمة في العقل لإنجاز مهمة أو مشكلة مفترضة سواء أكانت تلك المهمة بالمواصفات المثالية التي يجب أن تتوافر في المنزل عندما يقوم الشخص بجولة في منازل الآخرين أو مختلف العناصر التي يستخدمها في الاستلال عند إجراء اختبار .
فالقشرة الأمامية هي منطقة المخ المسئولة عن ( الذاكرة العاملة ) ويعني مسار الدوائر العصبية من المخ الجوفي إلى الفصوص الأمامية أن إشارات الانفعال الشديد مثل القلق والغضب وما شابه يمكن أن يخلق تجمداً عصبياً يدمر قدرة الفص الأمامي على الاحتفاظ بالذاكرة العاملة . وهذا ما يجعلنا نقول ونحن متوترون عاطفياً : أنا فقط لا أستطيع أن أفكر تفكيراً سليماً ، كما أنها السبب في أن تؤدي الضغوط الانفعالية إلى العجز في قدرات الطفل الذهنية وتعوقه عن التعليم وهذا العجز إذا كان مموهاً لا تسجله اختبارات معامل الذكاء (I.Q) على الرغم من ظهوره في المقاييس السيتوعصبية (الثيوروسيكلوجية) مثل ظهوره في مؤثرات واندفاعات مستمرة للطفل.
لقد  أظهرت الدراسات الحديثة أن تلاميذ المدرسة الابتدائية الذين حصلوا في اختبارات معامل الذكاء على درجات فوق المتوسط ويعانون مع ذلك من ضعف في مستواهم الدراسي. ثبت من خلال اختبارات التقييم الثيوروسيكلوجية الأكثر تحديداً للهدف أن أداء قشرتهم المخية الأمامية غير سليم ، كما اتضح أنهم متهورون وقلقون ، ومتورطون في مآزق معظم الأحيان .
مما يوحي بخطأ حكم القشرة الأمامية في  قوة الإثارة. وعلى الرغم من قدراتهم الذهنية إلا أنهم يتعرضون أكثر من غيرهم لمخاطر شديدة مثل الفشل الأكاديمي ، ليس بسبب ضعف قدراتهم الذهنية ، ولكن لضعف قدراتهم على التحكم في حياتهم الانفعالية .
ذلك لأن الانفعال منفصل تماماً عن القشرة المخية والتي تحددها اختبارات معامل (I.Q) هذا المخ الانفعالي يتحكم في انفعالات الغضب والحنان على حد سواء وتصقل هذه الدوائر العصبية المختلفة بالانفعالات من خلال التجربة طوال طفولتنا وعندما نترك هذه الخبرات لعامل المصادفة ، فإن ذلك يشكل خطراً علينا.
• دور الانفعالات في القرارات العقلانية :
قام د. / أنتونيو داماسيو ( Dr. ANTONIO DAMASIO) أستاذ المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة أيوا (IOWA) بإجراء دراسة دقيقة عن الأضرار التي تحدث للمرض نتيجة لحدوث تلف في الدوائر العصبية للنتوء اللوزي في مقدمة الفص الأمامي للمخ فاكتشف خللاً سريعاً في القرارات التي يتخذها هؤلاء المرضى . ومن ثم نجدهم برغم من سلامة ذكائهم يحدث أن تنتابهم الهواجس والقلق بصورة لا حدود لها حول أبسط القرارات مثل تحديد موعد مثلا .
وبذلك يوضح ( الدكتور / داماسيو ) كيف أصبحت قرارات هؤلاء المرضى سيئة للغاية بعد أن فقدوا البوابة أو المدخل التي يمر فيها بعلم الإنسان للانفعالات أو نقطة الالتقاء بين التفكير والعاطفة المتمثل في الدائرة العصبية للأمجدالا من مقدمة الفص الأمامي للمخ والتي تمثل المخزن الذي يحتفظ فيه الإنسان بخبراته التي يكتسبها عما يفضله وعما يرفضه خلال حياته .
• كيف تتصف العواطف والانفعالات بأنها ذكاء ؟
يصنف سالوفي أنواع الذكاء الشخصي التي قدمها جاردنر في تحديده الأساس للذكاء العاطفي الذي اتسع ليشمل مجالات أساسية :
1. أن يعرف كل إنسان عواطفه: فالوعي بالنفس والتعرف على شعورها وقت حدوثه هو حجر     
     الأساس في الذكاء العاطفي .
2. إدارة العواطف : إن التعامل مع المشاعر لتكون مشاعر ملائمة ، قدرة تعتمد على الوعي بالذات ، وتهدئة النفس ، والتخلص من القلق وسرعة الاستثارة .
3. تحفيز النفس : توجيه العواطف في خدمة هدف ما . فالتحكم في الانفعالات بمعنى تأجيل الإشباع ووقف الدوافع المكبوتة التي لا تقاوم أساس مهم لكل إنجاز.
4. التعرف على عواطف الآخرين:  أو التقمص الوجداني ( EMPATHY ).
5. توجيه العلاقات الإنسانية: والاهتمام بعناصر القيادة والكفاءة والفعالية في عقد الصلات مع الآخرين.
• الذكاء الاجتماعي: ( Social Intelligenc )
هناك أربعة قدرات تمثل مكونات الذكاء المتفاعل بين الأفراد عرضها كلا من "جاردنر وهاتش" على النحو الآتي :
1. تنظيم المجموعات :
تستلزم المهارة اللازمة للقائد أن يبدأ بتنسيق جهود مجموعة مشتركة من الأفراد ، فهذه هي القدرة العقلية التي يتمتع بها المخرجون أو منتجو الأعمال المسرحية والعسكريون ورؤساء المنظمات والوحدات المختلفة المؤثرون في العاملين ، كذلك نجدهم على أرضية الملعب مثل الطفل الذي يأخذ زمام القيادة بتحديد مركز كل طفل في اللعب أو ينصب نفسه كابتن للفريق .
2. الحلول التفاوضية :
موهبة الوسيط الذي يستطيع أن يمنع وقوع المنازعات أو يستطيع إيجاد الحلول للنزاعات التي تنشب بالفعل. هؤلاء الوسطاء الذين لديهم هذه القدرة يتفوقون في هذه الصفات وفي قضايا التحكيم والتوسط في المنازعات وفي السلك الدبلوماسي أو التحكيم القانوني، هؤلاء جميعاً هم أنفسهم من نجحوا وهم أطفال من حل الخلافات على أرض الملعب.
3. العلاقات الشخصية :
العلاقات الطيبة مع كل الناس -مشاركة الآخرين – وهم محبوبون بين الزملاء في المدرسة.
4. التحليل الاجتماعي:
القدرة على اكتشاف مشاعر الآخرين ببصيرة نافذة ، ومعرفة اهتماماتهم ودوافعهم لمعرفة الناس وكيف يشعرون بهم ، هذه القدرة تؤدي إلى سهولة إقامة العلاقات الحميمة والإحساس بالوئام والقدرة على التحليل الاجتماعي عن أفضل تحليل ، وقد يصبح من يتمتع بهذه القدرة مستشاراً أو طبيباً أو موهوباً أو درامياً .
وإذا اجتمعت هذه المهارة معاً فتصبح مادة لصقل وتهذيب العلاقات بين الناس بعضهم ببعض وهي المكونات الضرورية للجاذبية والنجاح الاجتماعي . بل أيضاً للكاريزما فهؤلاء المتمتعون بالكفاءة في الذكاء الاجتماعي يسهل عليهم الارتباط بالناس من خلال ذكائهم في قراءة انفعالات الناس ومشاعرهم، ومن السهل أن يكونوا قادة وواضعي نظم .
• قدرات الذكاء العاطفي :
هناك سبع قدرات حاسمة وقوية ترتبط ارتباطًاً مباشراً بالذكاء العاطفي هي:
1. الثقة:
الإحساس بالسيطرة على الجسد والتعامل معه والتمكن من التصرف والتعامل مع العالم    المحيط وأن يشعر الطفل بأنه على الأرجح سينجح فيما يعهد إليه به.
2. حب الاستطلاع:
   الإحساس بأن اكتشاف الأشياء أمر إيجابي يملأ النفس بالسرور .
3. الإصرار:
الرغبة والقدرة على أن يكون مؤثراً، وعلى أن يفعل ذلك بأدب وإصرار وهذه القدرة   ترتبط بالشعور بالكفاءة والفعالية.
4. السيطرة على النفس :
القدرة على تغيير الأفعال، والتحكم فيها بطرق تتناسب مع المرحلة السنية والإحساس بأن هذا الانضباط نابع من داخله.
5. القدرة على تكوين علاقات والارتباط بالآخرين :
ارتكازاً على الإحساس بأنه يفهم الآخرين ويفهمونه .
6. القدرة على التواصل :
الرغبة والقدرة على التبادل الشفوي للأفكار والمشاعر والمفاهيم مع الغير، وهذا مرتبط بثقتك في الآخرين والاستمتاع بالارتباط بهم، بما في ذلك البالغون.
7. التعاون:
القدرة على عمل توازن في نشاط الجماعة بين الاحتياجات الشخصية واحتياجات الغير.

 


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة