الحراك الثقافي بالوادي
   
موقع المحافظة/صالح سالم عمير - 12/19/2006 12:00:00 AM
025YemenWadiDawanSif.jpg

أعزائي :

    لابد للأدب أن ينطوي على رسالة سامية ولابد للأديب أن يكون صاحب كلمة راقية جميلة وقلب كبير , وعقل مستنير , يحب كل الناس دون استثناء , وتأتي أفكاره وأطروحاته انطلاقا من وهج المحبة والخير والجمال , دون عقد ودون توتر , ودون انفعال , ودون تشنج , لأن هدفه البناء وليس الهدم , والإصلاح وليس الخراب ,

والتثقيف وليس التجهيل , أقول قولي هذا .. وأنا أنوي أن أتحدث عن موضوع الحراك الثقافي بالوادي , كيلا يظن أحدهم أنني أقصد من وراء هذا الحديث , الإساءة إلى هذا أو ذاك من إخواننا الأدباء الأفاضل , الذين أكن لهم كل التقدير والإجلال والاحترام . 

    وهدفي بطبيعة الحال هو أن نحاول معا كمهتمين بالشأن الثقافي , أن نتصدى بالبحث والدراسة والتحليل , كل قدر استطاعته , للمشهد الثقافي القائم بسلبياته وايجابياته , ونتناقش ونتحاور حولها بتعقل , وبلغة هادئة موضوعية شفافة , ونحاول تحريك المياه الراكدة - كما يقولون – وتحريك وتنشيط وتفعيل هذا المشهد , والارتقاء والنهوض به , لاسيما بعدما أصبح – كما يطرح الكثيرون -  يعاني من الركود والجمود والتعثر والتردي والانحسار آملا أن تجد هذه البادرة بسيطة الأسلوب , مرتجلة الصياغة , آذانا صاغية ويتفاعل ويتجاوب معها الإخوة الأدباء والكتاب بالوادي , وهم بالطبع أكثر مني ثقافة وعلما ودراية بالأمور , من خلال تقديم قراءة متكاملة للمشهد الثقافي بالوادي سلبا وإيجابا , وحسبي أنني أطرح الموضوع على بساط البحث والنقاش والحوار . 

    نعم .. إن ما دفعني لكتابة هذا الأسطر الحديث الدائم لبعض المهتمين والمثقفين عن خمول الأدباء والشعراء والكتاب بالوادي , وأنهم استمرؤوا الكسل , واللامبالاة , وابتعدوا عن الساحة الأدبية , وأصبحوا يعيشون بمعزل عما يجري حولهم , وكأنهم نسوا أو تناسوا الدور المنوط بهم , والرسالة الإبداعية التي تقع على كاهلهم , وتساءلت : ترى ما هي الأسباب التي تقف وراء هذا الحال المائل للشأن الثقافي بالوادي الذي لا يختلف إزاءه اثنان ؟

    فإذا عرفنا وأدركنا هذه الأسباب , واستطعنا تشخيص الداء كما يقال , ربما اكتشفنا الدواء والعلاج الناجع لإصلاح الحال , بإذن الله تعالى وهذا هو الأمل والمراد , من رب العباد .  

    وفيما يلي سوف أشير إلى بعض الأسباب وليس كلها ، وباختصار شديد على أن يدلو كل بدلوه – لاحقا – ويقول كل بما عنده . ومن بين هذه الأسباب : 

    أولا : ضعف أداء اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع الوادي :

    لا مناص من الاعتراف بتقصير اتحاد الأدباء والكتاب بالوادي في أداء مهامه , وتراجع نشاط للوراء ، لاسيما بعد أن تعثر نشاط سكرتارية الاتحاد الحالية , بشكل ملحوظ , وربما أن هذه السكرتارية تواجه بعض العراقيل والمصاعب , لم تستطع تذليلها , إلا أننا نأمل أن تتحمل مسئولياتها بجدارة , وأن تحاول تكثيف جهودها لكي تستطيع تسيير نشاط الاتحاد كما ينبغي , ولابد أن تتم الاستفادة من المخصص المالي , لمصلحة الحراك الثقافي , وأن تنفذ كل الخطط التي تضعها , ولا نعتقد أنها ستظل هكذا مراوحة في مكانها , محلك سر , وأن تظل قابعة على الدوام في شرانق اللامبالاة .

    ثانيا : غياب الجمهور المتلقي :

    وعندما ينحسر الإبداع من ناحية , ويتراجع الإقبال على قراءة أعمال المبدعين من ناحية أخرى . يلزم دق ناقوس الخطر , إن هذه المعادلة تشير بوضوح إلى أن وجود الجمهور المتلقي شرط أساسي ومهم في تحريك وازدهار العملية الإبداعية ، إلا أن الحاصل – للأسف – وفي ظل وسائل التعبير الأخرى , المعروفة للكل , وانشغال أكثر الناس بهمومهم ومشكلاتهم المادية , انصرف الجمهور المتلقي عن المناشط والفعاليات الثقافية المحلية , وطالما سمعنا هذه العبارة , والتي أصبحت كأنها قولا مأثورا, بعد تنظيم أي فعالية شعرية : حضر الشعر وغاب الجمهور , والأعمال الشعرية والنثرية التي طبعت ونشرت لبعض أدباء الوادي تندب حظها العاثر في المكتبات . 

    ثالثا : غياب المتابعة النقدية :

    إن غياب المتابعة النقدية للنتاج الثقافي , يؤدي إلى اختلاط الأوراق , والأصيل من المبدعين بالدخيل من الأدعياء , ولا يجد الأديب الشاب الناهض من يقدم له النصيحة أو الرأي السليم الموضوعي فيما كتب ويكتب , ويفرز الجيد من الرديء في تجاربه ومحاولاته وأعماله , سواء أكانت فصيحة أو باللهجة الدارجة والنقد الأدبي – أعزائي – بمفهومه الصحيح , ليس شتيمة وليس تجريحا ولكنه جزء متمم لكل عمل , ولولا النقد ما اكتمل النضج الفني لكاتب أو أديب أو شاعر .

    يقول الدكتور / عبد العزيز المقالح -  وهو يتحدث عن المعارك الأدبية التي دارت في العشرينيات والثلاثينات من القرن المنصرم – سيئة الذكر – على حد وصفه ما يلي :

    و من بين أخطر نتائج المعارك الأدبية التي دارت في العشرينات و الثلاثينات من القرن العشرين – سيئة الذكر – أنها تثبت في أذهان القراء حتى اليوم ، إن النقد الأدبي يعني الهجوم الحاد بأسلحة البذاءة على كل ما يكتب من شعر أو نثر،  وصار بعض المتطفلين على النقد الأدبي يرون أنه تشريح و تجريح ، و ليس دراسة أمينة و نزيهة للنص الأدبي لتقريبه من القارئ و مساعدته على اكتشاف ما فيه من أساليب تعبير مباشرة أو مضمرة ، ومن صور و لفتات فنية ، و طاقات إبداعية سواء كان هذا النص الأدبي شعراً أو نثراً ، رواية أم مسرحية ، و هذا لا يعني أن يخلو النقد الموضوعي من الملاحظات و الإشارات إلى العثرات الفنية و المعنوية التي قد يكون قد وقع فيها رغم أنفه . 

    وتحضرني الآن عبارة أعجبتني للناقد الدكتور المقالح أيضا يقول فيها : النقد في بلادنا .. إما إقبال كامل أو إدبار كامل .. و العبارة واضحة و لا تحتاج إلى شرح أو تفسير أو تعليق . 

    رابعاً : تهميش المبدعين :

    الأنظمة السياسية على اختلاف مشاربها لا يختلف أكثرها على أن أهم واجهة تمنحها السمة الإنسانية و الحضارية – هي مقدار ثروتها من المبدعين في مختلف المجالات الإنسانية و الإبداعية و مستوى ما يحتله هؤلاء المبدعون من منزلة و مرتبة على خارطة - الأولويات - الوطنية و السياسية و على صفحات الاستحقاق المعيشي و المهني و الدعائي و الحضاري . كما يقول الكاتب / محمد سعيد سالم و يضيف قائلاً  : " و أنا أشعر بالأسى على هذه - الثروة – التي لم تعرف قيمتها الكبرى بعد في بلادنا ، إنها ثروة مبددة ، و في كل المجالات " انتهى. 

    إذن المعاناة و المكابدة المعيشية و التهميش جعلت بعض الأدباء و الكتاب يتفرغون لمسؤولياتهم الأسرية و يتحولون – مضطرين – إلى أدباء مع وقف التنفيذ دون أن يهتم بهم أحد أو يتلمس همومهم . 

 

    أخيراً و ليس آخراً : صراع المثقفين

نلاحظ أن بعض المبدعين يحملون على من يختلف معهم في الرأي ، و لا يجيدون على الإطلاق الحوار الودي الهادئ أو الإصغاء للآخر بل ينظرون إلى الآخر و كأنه عدوّهم اللدود، و بعضهم - و للأسف الشديد – يتفننون في الغيبة و النميمة على من يختلفون معهم في الرأي لذا نشأ بينهم و بين الآخرين علاقة هشة و مضطربة متوترة .. و مثل هؤلاء من الصعوبة بمكان أن ينتجوا أعمالاً إبداعية جادة وراقية ، تستحق النشر والقراءة .

    نتمن أن تسود بين الأدباء والكتاب المشاعر الطيبة والألفة والمحبة ، وتتوجه كل طاقاتهم للإبداع والخلق والابتكار ويظل شعارهم : " اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية " . 

    والمسألة كما ترون تحتاج إلى حيز كبير و إلى نقاش طويل لعل و عسى أن – يظهر و يبان – في نهاية المطاف الأديب المنتظر .. الذي يكرس حياته للمشروع الأدبي المنتظر . 

    أخيراً لا يسعفني إلا أن أشير إلى أن ثمة أشخاص يعملون دون كلل أو ملل .. في ظل هذا المشهد الثقافي البائس .. فلهم منا كل التحية و كل التقدير ..

  وبدورنا في موقع محافظة حضرموت الرسمي ، نستطلع آراء القارئ الكريم حول المشهد الثقافي في حضرموت عامة في ركن الاستفتاءات ، انقر هنا للمشاركة .


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة