حضرموت التسمية و المنشأ
   
-

حضرموت التسمية و المنشأ

حضرموت من اليمن ، نسبت إلى حضرموت بن حمير الأصغر فغلب على اسم ساكنها. كما يقول ذلك المؤرخ اليمني الحسن الهمداني . وجاء في دائرة المعارف للبستاني انها نسبت إلى عامر بن قحطان الذي لقب بحضر موت. لأنه كان إذا حضر حربا أكثر من القتل، فصاروا يقولون عند حضوره حضر موت، ثم صاروا يقولون للأرض التي كانت بها قبيلته هذه ارض حضرموت، ثم أطلق على البلاد نفسها.                           

    وقد ورد اسم حضرموت ( هزرماوت )(حزرماوت) في التوراة على أنها الابن الثالث

 لأبناء (يقطان )، كما ورد اسم حضرموت في المصادر اليونانية بمعنى (وادي الموت ). وقد

ذكروا أسم حضرموت في كتبهم ولكن سجلوه بشي من التحريف.

شهدت حضرموت استيطانا مبكرا، وكانت واحدة من المناطق التي ظهر فيها أول أشكال التجمعات البشرية وتطورها، وقد عثر فيها على آثار تعود إلى أقدم المراحل المعروفة للعلماء بداية التاريخ البشري قرابة مليون سنة. وتعد حضرموت من مناطق نشوء الحضارات الأولى، فقد ساعدت الظروف الطبيعية الملائمة التي كانت سائدة فيها الإنسان على الاستقرار، فبعض الجيولوجيين يعتقدون أن وادي حضرموت الجاف حاليا كان في فترة إلى ما قبل. 25.000سنة الماضية نهرا يتدفق نحو الشرق، تصب فيه روافد لا حصر لها هي تلك الوديان الصغيرة التي تؤدي إلى وادي حضرموت                           

 

    إن هذا الوادي كان من أنسب مناطق الجزيرة العربية للاستيطان خلال العصر البرنزي. وإن اتساعه، وقرب مخزون المياه من سطحه فضلا عن تربته الغرينية أتاحت لساكنيه زراعة المحاصيل الجيدة. وأنه من المحتمل أن يكون ذلك الوادي عرف الحياة البشرية قبل أن تعرفها المناطق الغربية من اليمن التي تفتقد ميزاته.                                                

     وكانت حضرمـوت إحدى الدويلات اليمنية القديمة التي ساهمت في بناء الحضارة اليمنية. وكانت أحيانا تتحد مع بعض الممالك اليمنية، وأحيانا أخرى تنفصل. فقد اتحدت مع مملكة معين ثم بعد ذلك انفصلت، كما اتحدت مع مملكة سبأ حقبة من الزمن ثم انفصلت. ولم تخضع حضرموت للاحتلال الحبشي أو الفارسي.

    لقد كانت حضرموت بلاد البخور(Wendel Phillips)يقول عنها وندل فلبس:

 "مملكة مترامية الأطراف تتوسط بلاد العرب وتمتد إلى ظفار أعظم المناطق المنتجة للبخور"                                                                                      

      وأصبحت حضرموت جزءا من الدولة العربية الإسلامية وساهم الحضارمة في الفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام. وعندما ضعفت الدولة المركزية في بغداد، انفصلت حضرموت وأصبحت حينا تابعة للدولة اليمنية المستقلة عن دولة الخلافة، وحينا آخر مستقلة عنها، وفي أحيان أخرى تسود الفوضى وعدم الاستقرار السياسي. وتناوبت على حضرموت دول عدة: دولة آل راشد، ودولة آل دغار، ودولة آل إقبال، ودولة آل يماني، والدولة الكثيرية في القرن الثامن الهجر ي، وكان أعظم سلاطينها بدر بن عبدالله بن علي الكثيري المعروف بابي طويرق، الذي استطاع أن يوحد حضرموت في فترة وجيزة. وفي عهده هاجم البرتغاليون سواحل حضرموت،عام  942 هـ / 1535 م، واستطاع الشعب في حضرموت التصدي للبرتغاليين وهزيمتهم. وقد أعلن السلطان أبو طويرق ولاءه للدولة العثمانية مقابل دعم العثمانيين للسلطان بدر ضد البرتغاليين وتمرد القبائل المحلية. وأصبح أبو طويرق واليا على حضرموت بموجب الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني، وكان يدفع ضريبة سنوية للعثمانيين.                   

    وبعد وفاة السلطان بدر أبو طويرق انقسم آل كثير على أنفسهم ودخلوا في صراع فيما بينهم، فانقسمت الدولة وأصبحت في يد العشائر اليافعية  التي دخلت هي الأخرى في صراع فيما بينها مما اوجد ذريعة لبريطانيا للتدخل في شؤون حضرموت الداخلية وفرض حمايتها عليها.        

لأسباب اقتصادية وسياسية وبدافع الدعوة إلى الله، هاجر عدد كبير من الحضارمة إلى مناطق مختلفة من العالم، من أهمها: الساحل الشرقي لإفريقيا، وجزر القمر ومدغشقر،   وزنجبار، وجنوب شرقي آسيا في المنطقة الممتدة من الهند إلى الفلبين،فقد كان للحضارمة  وجود مؤثر وصلات تجارية على طول الساحل الشرقي لأفريقيا من الصومال  إلى موزمبيق قبل وصول الأوربيين. كما كان لهم وجود مؤثر في مدغشقر. وحكم علويون حضارمة جزر القمر قرون عدة.

      لقد كانت لحضرموت اتصالات قديمة بالهند، واتسع نطاق تلك الاتصالات بعد الإسلام.  وكان السادة والمتصوفة في طليعة المهاجرين الحضارمة إلى الهند في العصور الوسطى، إذ استقروا في المراكز التجارية والسياسية الكبرى في إقليم ( قوجرات ) مثل (احمد آباد ) و ( بارودا ) و ( بهاروشر ) و( سارت ).  وأصبح للعلماء الحضارمة مكانة مهمة في بلاطات السلاطين المسلمين في الهند . وفي العصر الحديث اتجه الحضارمة إلى حيدر أباد  لينتظم الكثير منهم في سلك الجندية عند حكومة النظام، حيث يتألف جيش عربي هناك معظمه من عرب حضرموت وما جاورها. وقد استمر ت أعدادهم في تزايد مطرد، فقد زاد عددهم في عام 1849م إلى خمسة آلاف في الجيش وحده، ومنه تغلغلوا في مجالات الحياة الأخرى في (حيدر اباد) حيث ازداد اشتغالهم بالتجارة وامتلاك العقارات وتسليف الأموال.                                                               

                                                       

      وفي جنوب شرقي آسيا،  يرجح بعض المؤرخين وصول الحضارمة إلى هذه المنطقة إلى ما قبل القرن الثالث عشر الميلادي. حيث ساهموا في نشر الإسلام وكونوا لهم نفوذا اقتصاديا وسياسيا. ونجحوا في تأسيس سلطنات في بعض المناطق من الفليبين، وسومطرة، وجاوة، وسنغافورة، وماليزيا. وساهموا في مواجهة الغزو الأوربي الاستعماري للمنطقة، ومقاومة الاستعمار الهولندي منذ القرن السادس عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.                                                        

                                               

        وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اتسع نطاق الهجرة من حضرموت إلى تلك المناطق. فبلغ عددهم في عام 1895م (24410). وازداد هذا العدد في عام 1930م فبلغ (71335). وقد مار س هؤلاء المهاجرون أعمالا مختلفة أهمها التجارة، وكونوا لهم ثروات ضخمة. وأصبحت الأموال المرسلة من هذه المهاجر إلى حضرموت سببا في  استمرار الحروب والصراعات السياسية والقبلية. وأسهمت في إقامة إمارات وسلطنات ومن أولئك الذين أسسوا أمارات بأموال وتمويل من جنوب شرقي آسيا، الثري عمر بن جعفر بن عيسى بن بدر الكثيري الذي عاد من جاوة عام 1815م وأسس له إمارة في شبام عام 1818م. كما أقام عمر بن عبدالله بن مقيص إمارة بأمواله التي جلبها من جاوة وبدعم من أثرياء السادة العلويين 1828م. وأبرز محاولة لتأسيس دولة ذات شأن بتمويل من جنوب شرقي آسيا، ما قامت به عائلة بن عبدات الثرية بتأسيس دولة لها في مدينة الغرفة بين عامي (1924- 1945م ). كما

أنشئت في المهجر جمعيات عدة أسهمت  في زيادة الوعي السياسي والاجتماعي في حضرموت، إذ امتد نشاطها إلى أرض الوطن فأنشأوا  المدارس والجمعيات الخيرية والثقافية.

 


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة