ولقد سار من بعده على نهجه أولاده مقتفين أثر والدهم المولود سنة 1348 هـ فيما اختطته من باقيات صالحات .. وعلى مدى سنوات كثيرة ظلت بعض الأسماء والبيوت التجارية في المملكة العربية السعودية من أصول يمنية حضرمية شاهدة على العطاء والبذل وهي أُسر وأسماء لا تكاد تتكرر مثل آل بقشان .. بغلف .. باخشب .. بن محفوظ ..الخ , لكننا في هذه العجالة لنا وقفة مع ( بغلف ) .

دعونا ننطق الاسم هكذا مجرداً من الألقاب .. لأن الشيخ / أحمد محمد سعيد بغلف كان متواضعاً في حياته ومع ذلك ظل اسمه مرتبطاً بفعل الخير وبمشاريع المياه على وجه أخص الوالد / عمر محمد بانبيلة من منطقة لجرات بدوعن محافظة حضرموت والبالغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً , أطال الله في عمره والذي لازم وعايش وعاصر رجل الخير والإحسان أحمد بغلف , يروي ما يعرفه عن هذا الرجل وبلسان صدق .

* كيف كانت البداية ؟  

يقول عمر محمد بانبيلة : بدأ بغلف الظافر حياته منذ صغره في بيوت مكة , وامتهن هذا العمل الشاق من تحميل وتنزيل الممتلكات وبناء الأماكن بعد أن بلغ مبلغ الشاب انتقل إلى المنطقة الشرقية بالسعودية حيث بدأ يمارس أعمال التجارة والصرافة .. كان يرحمه الله متحفزاً للوصول إلى أهدافه التي خطط لها منذ صغره  ، ولقد كانت المنطقة الشرقية هي المنطلق الأهم في حياة بغلف ( الظافر ) .

* ولكن ما حكاية ( الظافر ) هذه ؟   

يقال برقياً ( الظافر ) ولقد يفضل يرحمه الله هذا الاسم تيمناً بخلفاء بني العباس الظافر بالله , المتوكل بالله الخ .

* أنت واحد ممن لازموه لكن من هم الآخرون ؟

سالم عبدالله باجندوح و علي سليمان بادريق و صالح عمر بادريق و علي مبارك بادريق و سالم محمد القثمي و عمر مجمد الخطيب و أحمد عبدالله بانبيلة و أحمد باقبص و بدر بن عفيف و مبارك جويد بخضر و حسن عبدالله العمودي و محسن صالح باصبع وأبناؤه ختوش وأبناؤه .

* بغلف من أي الأماكن ؟

هو من خسوفر مديرية دوعن محافظة حضرموت وقد بدأ تعليمه عند الشيخ / عبدالله محمد بلخير من غيل بلخير بدوعن ومن هذه الأسرة الدوعنية برز اسم عبدالله بلخير أول وزير إعلام بالمملكة العربية السعودية .

* أول المشاريع لبغلف ؟

بدأت مع الشيخ بغلف في مشروع لجرات بدوعن وبعض مناطق مديرية وادي عمد ووادي حموضه .. لقد عمت مشاريع بغلف وادي دوعن من وادي مراة بليسر وعلينا أن نذكر بالخير الأخ باحبيش الذي قام بمشاريع في حوفة .

* هل اقتصرت مشاريعه في وادي دوعن والأودية المجاورة ؟

بالعكس لقد عمت مشاريعه معظم المناطق النائية في حضرموت مثال ذلك وادي العين إلى منطقة عدب .

* بغلف – بابراهيم هل هما ثنائي ؟

بغلف كان شريكاً مع أحمد بابراهيم في جدة وهو صديق حميم للشيخ بغلف .

* متى كانت آخر زيارة للشيخ لبغلف لحضرموت ؟

كانت أيام محمد علي باشماخ حين كان محافظاً لحضرموت وقد جاء بغلف بصحبة عدد من تجار السعودية في زيارة لعدن وحضرموت .

* ولكن لماذا ارتبطت مشاريعه بالمياه ؟

قال تعالى " وجعلنا من الماء كل شيء حي " وبصراحة كان المسئولون في تلك الفترة يقدرون مشاريع بغلف وفي مقدمتهم السيد علي ناصر ووجه بتسهيل مهام مشاريع بغلف إلى الحكم المحلي في المناطق المختصة.

* بغلف و الصرافة ؟

بدأ الشيخ بغلف صرافاً متجولاً أمام أبواب الحرم وكانت هذه هي النواة الأولى حتى بدأ يطور مهنة الصرافة وأصبحت منطلقاً أساسياً لخطوات أخرى تبعتها .

* هل تعرضتم لأي من المضايقات في أثناء تنفيذ تلك المشاريع ؟

            وجدنا مضايقات .. وأنت تعرف في تلك الفترة قبل الوحدة أي مشروع خيري يتحول إلى سياسة ولكن بعد الوحدة تسهلت الأمور كثيراً ونشكر الرئيس / علي عبدالله صالح على جهوده الطيبة في إنجاح المشاريع .

* ماذا عن مساعداته الأخرى خلافاً للمياه ؟

بغلف الله يرحمه لا يريد أن يتحدث عنه ولكن علينا أن نذكر محاسن الرجال .. سأعطيك مثالاً واحداً لقد بنى مدرسة للتعليم الأساسي بمنطقة لجرات بدوعن وهي نموذج لعدد من المدارس الأخرى في غير منطقة .

* وماذا عن مشاريع المياه في المناطق الصحراوية ؟

وصلت مشاريع بغلف إلى أبعد من الخشعة بمديرية القطن وفي الخشعة سلمت الأهالي سبعة عشر ألف ماسورة ماء والتركيب على حساب سالم بن محفوظ ومشيناها خطى إلى زمخ ثم إلى العبر ثم أنشأنا خزاناً بالقطن ( مياه العجلانية ) إضافة إلى خزان وادي العين ثم إلى ساه .

*هل لك كلمة توجهها للآخرين ليحتذوا حذو بغلف ؟

طبعاً الشيخ أحمد محمد سعيد بغلف رجل محب لعمل الخير وهو كما قال يرحمه الله أثناء حياته : هذه المشاريع التي سعيت فيها هي مشاريع الله .. فهو إذا لا يريد جزاءً ولا شكوراً والواقع أن كثير من الناس يعرفون اسم بغلف ليس بماله أو جاهه ولكن بأعمال الخير التي قدمها الناس والتي بقيت شاهدة حتى اليوم لتحكي لنا عن واحد من الرجال الذين ضحوا  بوقتهم وجهدهم في بناء الأوطان .. ولا يسعنا إلا أن نقول رحم الله الشيخ / أحمد بغلف ونتقدم بالشكر بعد الله للشيخ / عمر محمد بانبيلة على سيرة أحد الرجال الأفذاذ ألا وهو الشيخ / أحمد محمد بغلف (الظافر) رحمه الله .

وبعد :

فهذه عصامية الشيخ أحمد بغلف وحكايته لشظف العيش في بداية حياته العملية وصبره على مكاره الحياة إلى أن قيض الله له الرجال والمال فسخر ما رزقه الله لخدمة ناس كانوا يمضون الساعات الطوال سيراً على الأقدام بحثاً عن الماء تحت هجير الشمس وزمهرير الشتاء .