ورحل صاحب القلم
   
سيئون/موقع محافظة حضرموت/علي سالمين العوبثاني - الأحد 28/ديسمبر/2014
artcl_20141228_1.jpg
تغشاك رحمة الله دكتورنا الفاضل عبدالرحمن، كم ستفتقدك عيوننا، بعد أن كانت تكتحل برؤياك كل يوم، فقد أدمى رحيلك المفاجئ قلوبنا، وأسال الدمع مدرارا على خدودنا، لأنك كنت نعم الأخ والزميل وصاحب القلم الأنيق، عرفتك رجل مواقف في الملمات، لا تخاف في الله لومة لائم وحامل قلب لا يعرف الحقد، تختلف في الرأي ولكنك لا تفسد علاقاتك بهذا الاختلاف تبتعد عن كل ما يشوه الحقيقة ..
صراحتك اللاذعة أحيانا توقعك في معارك صحفية تنتهي بالمصالحة الأخوية .. وهنا يكمن جوهرك النقي الصافي ..
الدكتور عبدالرحمن سعيد بلخير ، شخصية تشدك بتفكيرها العميق وغوصها في أدق التفاصيل بمنهاجية الأكاديمي المتمكن الدارس للنفوس، فلا تخلو منشوراته من وخزات ساخرة تثير فيك التمعن، حتى إن لأسئلته مدلولات لا يفهمها إلا من عاشره واحتك به ..وقد ألف كتابا قيما في إدارة الذات ، عنوانه " حتى لا يهزمنا الغضب " - أهداني نسخة منه -، تعمق فيه تعمقا علميا ، وقف على كل سطر من سطوره ليكشف ما يستتر وراء الكلمات ، بل وراء الحروف مع ربط المعاني العامة ، وبذلك أدى للقارئ نفعاً جزيلاً حين رسم له طريقة التحليل النفسي العلمي مستنداً فيه إلى نظريات علماء لهم باع طويل في هذا المنحى ..
وكان أسلوب الدكتور عبدالرحمن في حاجة إلى محلل يغرف من بحره العميق وقوف الغائص الباحث عن الدرر في القاع ، وكان ذلك كله كسباً للقارئ من ناحية ، وللفكرة التي هدف من ورائها إلى إخراج الكتاب ، وبهذا يكون قد حمل أمانة العلم في إخلاص ، فأخرج القارئ من ظلمات الحيرة إلى نور اليقين ، كما أن له بحوثاً كثيرة أخبرني عنها قبل وفاته عندما وضعته ضمن من سأجري معهم حواراً في سلسلة حواراتي  ( رحلة في عقل أديب حضرمي ) مثمناً جهدي الذي أبذله في هذا الجانب الهام ، ولكن الموت اختطفه قبل أن يتم ذلك الحوار.
ولد عبدالرحمن في مدينة العلم ( غيل باوزير ) استنشق هواء حقولها وشرب من مائها العذب ولعب مع أقرانه في ملاعبها ، ونهل العلم من أساتذة كرام كان لهم الفضل في صقل موهبته ، وزامل كتابا وأدباء وشعراء وصحافيين ، أراهم اليوم مذهولين من صدمة وفاته المفاجئة .. معبرين عن فراقه بمقالات يستعرضون فيها ذكرياتهم معه، ويسألون الله العلي القدير بأن يتغمده بواسع رحمته ويغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويسكنه جناته .
وفي موكب جنائزي مهيب ودعته الحشود الكبيرة التي جاءت من كل حدب وصوب في مراسيم تليق بمقامه كشخصية أكاديمية واجتماعية وصحفية مؤثرة .. حيث ووري جسده الطاهر الثرى ودفن بمسقط رأسه.. وهكذا انطفأت شمعته بعد توهج سنوات عمره الحافلة بالمعاني الإنسانية الجميلة  .. وداعاً يا أبا سعيد فمثواك الجنة بإذن الله تعالى .


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة