المرأة الحضرمية ورمضان
   
المكلا / موقع محافظة حضرموت / ليلى عوض غانم - الاثنين 8/9/2008

رمضان هذا الشهر الكريم الذي يأتي كل عام بفرح وخير وبركة فهو شهر الصيام والمغفرة وللنساء في هذا الشهر الفضيل عاداة وطقوس رمضانية تمارسها فهي تعد له العدة بالترحيب أولا بالأناشيد الدينية في البيوت والتجمعات النسوية ..


**

عادات أصالة شجن


ويبدأ هذا الترحيب في ليلة النصف من شعبان والتي تسمى الشعبانية وهي جلسة نسائية تقام في المنازل بعد صلاة المغرب تتوافد النساء إلى المنازل المعروفة والتي تمارس فيها مجالس الذكر والحلقات الدينية وقراءة الشعبانية بعدها تبدأ النساء من هذه الليلة بالترحيب برمضان معلنة أن هذا الشهر قريباَ سيطل علينا بالخير والبركة وهنا يرددون أناشيد ترحيبية
رحبوا ياصائيمينا                  شهر رب العالمين
عاده الله علينا                     وعليكم أجمعينا


لحظتها تتعالى أصوات النساء مرحبة بفرح بقدوم شهر العبادة والصوم وعند سماعك لهذا الترحيب تعيش أجواء نقية صافية يحملك فيها الشجن لذكريات هذا الشهر العظيم وتنساب الدموع رقراقة من الأعماق لذكرى عزيز حبيب فارق هذه الدنيا دون أن يعود عليه هذا الشهر الكريم أما بسفر بعيد وإما بموت انها لحظات مهيبة تتداخل فيها الذكريات الحلوة والمرة للحياة والإنسان وبعدها ترتفع الأماني مرددة للجميع بطول العمر وان يجعل الكل من عواده كل سنة أن شاء الله تعالى:-
ياعواد بالخير     عودنا ياعواد.
 
وتسمي النساء شهر شعبان بالشهر القصير لأنه يمر بسرعة مع الإعداد والشراء لحاجيات رمضان هكذا تصوره النساء .... حيث بعد الانتهاء من طلبات وحاجيات رمضان وذلك في أخر يوم من شهر شعبان وفي ليلة تسمى أو يقال لها ( ليلة قتل الحنش) وعادة تكون خاصة بالنسوة يذهبن في جماعات وملتقيات نسوية إلى أرياف المدينة وبالذات المناطق الزراعية لأحياء ليلة يودعن فيها ماتبقى من لحظات وساعات شعبان بفرح نسائي جميل على دقات الطبول وكاسات الشاي الأحمر والكرتدان وما لذ وطاب من حلويات ويتبادلن التهاني بحلول رمضان حيث تنقطع بعدها الترويحات النسائية في هذا الشهر لانشغال المرأة بالمطبخ لإعداد وجبات رمضان الشهيرة  أما قديما فكانت الجدات تعد لهذا الشهر مع إطلالة رجب حيث يبدأن بالتلقيط للقمح والأرز الذي يعمل منه شوربة رمضان والأرز لوجبة السحور وهي عادة لكل الأسر الحضرمية فنجدهن يعملن بهمة ونشاط على فرز الأوساخ من هذه الماد الغذائية لشهر كامل ويضعنه في أوعية خاصة بعدها تغلق إلى أن يهل شهر رمضان لكي لاتلاقي النسوة عناء وتعب وهي صائمة في عملية الفرز بالذات في هاتين المادتين الرئيسيتين في رمضان لتأتي النسوة وتأخذ منها كل يوم قياس أسرتها دون تعب وقد خلت من كل الشوائب.

هذا العمل كانت تؤديه جداتنا الكبيرات في الأسرة في وقت ليس ببعيد أما ألان اختفت متعة هذه العادة الجميلة وأصبحت طلبات المرأة تأتي جاهزة من الأسواق وبدون عناء .
ومن أهازيج المرأة لاستقبال رمضان والتي تتردد في كل بيت مرحبات برمضان:-

ياحيا برمضان                  من الخلفة شرفنا لك
ياحيا برمضان                  من السدة فتحنا لك
ياحيا برمضان                   والشربة طحنالك
ياحيا برمضان                  والكبش ذبحنالك
ياحيا برمضان                  والتراويح رحنالك



ياحيا برمضان
لحظتها تكون المرأة في هذا الشهر منشغلة بين المطبخ والمسجد في المطبخ تبتكر وتعد أنواع الأطعمة الرمضانية لإفطار الأسرة والتي تتصدرها (الشوربة) وهي حساء القمح مع لحم الضأن حيث تتغنى بها المرأة وهي منهمكة في إعدادها  إذ تقول :
 مرحب يارمضان    فيك الشريبة ولحم الضأن


الصييمة : وأهازيجها الطفولية :-
تقام في عصرية رمضان أي بعد أذان العصر من كل ليلة كانت العادة محببة للصبايا الصغيرات حيث يتحلقن أمام منازلهن في دوائر صغيرة يفترشن الأرض بعد أن أعدت لهن من قبل الأهل للجلوس عليها وهذه الدوائر تكون عادة من حجارة البحر الملساء (الحصلة) وأحياناَ حسير نايلون تلتف وتقعد الصبايا ويرددن أهازيج رمضانية طفولية والى جوارهن الزمزمية وهي لحفظ الماء ووعاء آخر يسمى (القفة) وهي من الخوص  تعمل خصيصا للبنات في هذه الجلسة التي تسمى (الصييمة) لوضع الأكل فيها انتظاراَ ليؤذن المؤذن بانتهاء فترة الصيام  بعد آذان المغرب ..... مناظر جميلة ورائعة جداَ وأنت تشاهد الصبايا في أحلى ثيابهن وحليهن وببراءة وفرح يرددن أهازيج الصييمة بأعلى أصواتهن تحت منازلهن:

ياما صييمة        ... هاتي لقيمة
من البريمة          يامغرب أذن

قول الله أكبر
والبريمة تبربر
والتناريرشن

بعدها بصوت ملائكيي نقي يترجين المؤذن أن يؤذن لتفطر الأمهات ويهتفن بأسم المؤذن الفلاني لكل حارة مثلاَ :- (عمرة ) أمي صيمة
بعدها تنطلق أصوات مدافع رمضان يليه مباشرة أذان المغرب لحظتها تتفرق الصبايا إلى منازلهن لتناول الإفطار مع أسرهن.
وهكذا تستمر الصييمة طيلة شهر رمضان لكن الآن بدأت هذه العادات تنتهي تماما للتغير الحاصل في الحياة.
أما الإفطار فيكون عادة بعد الأذان بتمر وقهوة البن ثم تؤدي النساء الصلاة في البيت في انتظار عودة الرجال من المسجد حينها يفترش الكل مائدة الإفطار وتتصدرها الشوربة ثم المقليات والمشويات من مأكل ومشروبات شهر رمضان  

صلاة التراويح :


بعد الافطار تأخذ المرأة قسطاً من الراحة الى ان يحين موعد صلاة التراويح وتؤديها المرأة في المسجد المجاور لمنزلها بعدها تعود الى البيت وتبدأ طقوس رمضانية جميلة وهي (( المشاهرة )) وهي تبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء والجيران مهنئيين بحلول شهر رمضان وعودته على الأسر وهم في خير وعافية .

الختايم :
للختايم في حضرموت عادات وطقوس رمضانية جميلة تشتهر بها التجمعات النسائية والختايم عبارة عن نسوة يحملن الطبول والمراويس وهي أدوات ايقاعية تستعمل للشرح والدق عليها والتنقل في الحارات .
وتلائم عادة الختايم هذه مع ختم المساجد للقرآن الكريم .
وبتحديد يوم خاص لكل مسجد يحتفل به دينياً بختم القرآن حيث يبدأ في منتصف شهر رمضان مع اكتمال القمر وسطوع نوره وتستمر هذه الاحتفالية (( الختايم )) الى اليوم السابع والعشرين من الشهر حيث يخصص هذا اليوم لختايم المساجد وتكون الختايم أما للمولود الجديد أو العروسة .

ختايم المولود الجديد :
تأتي هذه الفرقة النسائية الجوالة امام منزل العروسه أو المولود الجديد تختم له بترديد الأهازيج والأغاني الفرائحية المبشرة بمستقبل وسلامة المولود ويرددن اسم المولود اذا كان أسمه محمد .
محمد هات حقنا
محمد هات بانشوفك
محمد بيض الله وجهك
وعساك بيض
السنة دي ختمنالك
والسنة الجاية لأخوانك


وبعدها ينظرن الى منزل أهل المولود ويرددن أهازيج المدح للمنزل وأهله :

دار من ده الجديدة
والا كسرنا الحديده
دار من ده محلاها
الله يعافي مولاها
هاتو شوية شوربة
والا كسرنا البرمه


وبعده يعطى لهم مبلغ من المال بانتهاء ختايم المولود فيذهبن مودعات الى بيت آخر ومولود آخر وهن مرددات :

محمد يالله بانسري
 بانختم الخري

هذه هي طقوس ختايم المولود الجديد .

ختايم العروسة :


تكون عادةً في المنزل حيث يدعى لها جميع النسوة من الأهل والأصدقاء في ليلة رمضانية جميلة تبدأ مراسيم طقوس هذه الأحتفالية بعد صلاة التراويح تتجمع النسوة في جلسة غناء وشرح نسائي يرددن الأغاني الفرائحية للعروسة :
ياعروس جينا من شانك
ياعروس أسعد الله زمانك
ياعروسة  يالله بانشوفك
ياعروسة السنة دي ختمنالك
والسنة الجاية لعيالك

لحظتها تكون العروسة في أحلى زينتها تتصدر الجلسة النسائية في منزل أهل أو بيت زوجها وهي فرصة أمام النسوة ويقدم في الجلسة مالذ وطاب من أطباق مأكولات ومشروبات رمضانية ويحلى السمر وتتداخل الذكريات والشجن لعادات جميلة تنفرد بها حضرموت ونساء حضرموت في ليالي رمضان بالأغاني والأهازيج الرمضانية التي ترددها النسوة على ضو القمر والعروسة مزهوة منتشية سعيدة تتصدر المجلس النسوي الذي أقيم على شرفها (( عادات كانت سائدة ولازالت سائدة الى الان في حضرموت بكل مدنها في الساحل والداخل )) .


عادات التفطير الأسري تتلائم مع ختايم المساجد :
عادات اسرية حميمة جميلة يتم فيها التجمع الاسري ويتبادل فيه الأهل العزائم اي التفطير في منازلهم وتكون العادة يدعو فيها الأب رب المنزل ابنائه وبناته المتزوجين مع أطفالهم الى منزل العائلة تتجمع الأسرة من جديد ويلتم الشمل في ليلة رمضانية يتحلقون فيها على مائدة الأفطار معاً يتبادلون التهاني برمضان وعودته وهم في خير وعافية أما الأطفال فيخرجون الى ساحة المسجد الذي يفترش باعته الأرض بكل أنواع الألعاب والهدايا التذكارية وأنواع الحلويات والبسكويت  التي يعرضها أصحاب المفارش للبيع والذين يأتون خصيصاً لعرضها أمام المسجد الذي تقام به الختايم .. بينما كل المنازل الحضرمية تزدحم وتعج بالأولاد والأحفاد ولا يخلو بيت حضرمي من هذا التجمع الاسري الحميم في عادة التفطير هذه .. تقارب ولقاءات وأحاديث أسرية حميمة وصلات رحم جميلة تنشر أريجها فواحة حباً وحنان ممزوجة ببعض الأسى والألم لغياب عزيز أو قريب عن هذه التقارب السنوي وياراد وياعواد .
 
الشامية :
تبدأ بعد ختايم المساجد الجوامع في حضرموت بالتحديد في السابع والعشرين صباحاً طقوس أكثر اصالة وروعة وجمال (( الشامية )) والشامية تكون في الصباح الباكر تستعد فيه النسوة لشراء ملابس للشامية للبنات والاولاد معاً ثياب جديدة زاهية تلبسها الصبايا في صباح يوم الشامية في 27 رمضان والشامية هي أيضاً فرقة جوالة بين المنازل تكون عادةً يترأسها رجلان أحدهما يضرب على الهاجر (( الطبل )) والآخر على المرواس وهي أدوات شرحية يتجولون في الحارة من منزل الى منزل يتقافر حولهم الصبايا والصبيات في فرح يرددون بصوت عال وبفرح كبير .
 أنشيد شامية :
شامية شامية       عاشت الوحدة اليمنية
أناشيد فرائحية للأطفال ولليالي رمضان وللوطن وهكذا يجري الأطفال مع فرقة الشامية الجاولة لحظتها يكون الأهالي مستعدين باعطاء هذه الفرقة مبالغ مالية وكمية من حبوب القمح والأرز مقابل ماتقوم به هذه الفرقة نفسها في عملية (( المطبل ليلاً او المسحراتي في ليالي رمضان في هذا الحي أو ذاك لتنبيه الناس بموعد السحور في الشامية وتخرج النسوة الكبار في السن واللاتي هن بمقام الجدات او العمات حاملات على اكتافهن الأطفال الرضع واللذين أكملوا العام الأول تتجول بهم في فرح وسط الشامية مع هتافات الصبايا الفرائحية بهذه المناسبة هكذا هي عادات المرأة في رمضان جميلة وتراثية متأصلة في القدم , كل هذا نعيشه في فرح ويظل الشجن والشوق لهذه الليالي الجميلة  ولو أن البعض منه أختفى لكن تظل حضرموت والمرأة الحضرمية لها عادات جميلة وخصوصيات  رمضانية أجمل تحييها النسوة في رمضان وليالي رمضان وياراد ياعاواد وكل عام وانتم بخير .


**   المكلا / ليلى غانم

    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة