المجاهد النقيب الشهيد: محمد سعيد باعباد .. البطولة والشهامة والرجولة
   
موقع محافظة حضرموت / خاص - السبت : 31/5/2008
BaAbbad.jpg
منذ الصغر كان محمد مميزاً ومختلفاً عن الآخرين ، خلوقاً ، هادئاً ، متزناً ، تشع من عينيه الجادتين نظرة حالمة تتجاوز إرهاصات الواقع وظروف المكان .
إن حياته القصيرة والمليئة بالأحداث والتحوّلات الكبرى لجديرة باستخلاص الكثير من العبر التي تؤكد فرادة  هذه الشخصية الفذة التي لا يجود بمثلها الزمن إلا فيما نذر من الأحيان .
فالحديث عن رجل بحجم محمد سعيد معين لا ينضب ونبع يتدفق زلالاً صافياً بقيم الشهامة والرجولة والنخوة والعزة والإصرار والسمو والتضحية التي ترجمت في عملية فدائية خالدة على أرض الجهاد والشرف والكرامة ليسقط شهيداً ويسجل اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين على أرض فلسطين ليروي تربتها الطاهرة بدماء زكية نقية ، دماء قصيعرية حضرمية يمنية . لقد استطاع محمد وخلال فترة حياته القصيرة تكوين كل ذلك المجد من الرتب والشهادات العسكرية والمدنية التي كانت تضمن  له منصباً عسكرياً رفيعاً وحظاً مدنياً موفوراً .
لكنه آثر ترك لغاية أعظم وأنبل مراده منها الجهاد والشهادة ، كيف لا ؟!! وهو القائل : ( لي أملان أولهما الجهاد في سبيل الله وقد تحقق والثاني أن أستشهد في سبيله وسيتحقق إن شاء الله ) .
لمحة تعريفية :
        ولد محمد سعيد باعباد في قصيعر عام 1941م من أسرة متوسطة الحال تتكون من خمسة ذكور وثلاث إناث كان هو الثالث بينهم ، وفيها نشأ وترعرع .
الدراسة :
•    التحق بمدرسة قصيعر الابتدائية ( الشاطئ ) عام 1948م .
•    واصل دراسته بالمدرسة المتوسطة بالغيل ما بين عامي 1955-1959م .
•    التحق بثانوية الشويخ بالكويت عام 1960م .
•    التحق بالكلية الحربية المصرية بالقاهرة ما بين 1962-1965م . وتخرج منها بشهادة بكالوريوس في العلوم العسكرية وضابطاً برتبة ملازم أول مع مرتبة الشرف .
•    التحق بمعهد البحوث والدراسات العربية التابعة للجامعة في حوالي 1967-1968م ومنه نال شهادة الماجستير في العلوم والدراسات الإسلامية .
•    قطع شوطاً كبيراً في التحضير لرسالة ماجستير أخرى عن القضية الفلسطينية لكنه استشهد قبل أن يكملها .
العمل في الجيش النظامي :
    بعد أن تخرج من الكلية الحربية عاد ليعمل ضابطاً بالجيش النظامي للسلطنة القعيطية . وخلال فترة عمله كان مثالاً يحتذى به في الانضباط والالتزام والسلوك حيث اكتسب احترام كل من عمل معه من رؤساءه ومرؤوسيه .

العودة إلى القاهرة :
    بعد الثورة عام 1967م ونتيجة لما كان يعتمل في الوطن من صراعات داخلية آثر العودة إلى القاهرة بعد استيلاء الاشتراكيين على الحكم في جنوب اليمن ، وخلال تلك الفترة حضّر رسالة الماجستير في الدراسات الإسلامية وأعد رسالة الماجستير الأخرى في القضية الفلسطينية والتي استشهد قبل إتمامها .
الانضمام إلى حركة فتح :
    انضم الشهيد إلى حركة فتح التي وجد فيها الطريق إلى ما كان يبتغيه من الجهاد والشهادة ، حيث جاء في بعض كلماته التي ينقلها عنه رفاقه : ( كنت أدرس .. كنت لا أترك كتاباً إلا وأبحث عنه .. ولكني كنت أشعر أن هذا لا يكفي .. لا يكفي أن أعرف تاريخ أمتي ومأساة فلسطين .. كان يجب أن أساهم في تجسيد هذا التاريخ مجدداً في اجتثاث هذه المأساة .. ووجدت الطريق .. وجدته في فتح ) .
عملية الاستشهاد :
    جاء في بيان النعي الصادر عن حركة فتح - القيادة العامة لقوات العاصفة - ما نصه بالحرف الواحد (( في الساعة الثامنة من مساء 24 نيسان 1970م .. كان بطلنا الشهيد مع قوة من المجموعة 29 يخوض معركة ضد العدو في منطقة المشروع شرقي أشدوت يعقوب .. استمرت المعركة أكثر من ساعة .. دفع العدو بنجدات كبيرة إلى المنطقة محاولاً الالتفاف حول قواتنا .. دارت معركة عنيفة .. تسابق الثوار فيمن يحمي انسحاب رفاقه بعد أن أنجزوا المهمة المطلوبة منهم .
أصر بطلنا على أن يكون هو الذي يحمل هذا الشرف .. استطاع أن يشق ثغرة .. ليسقط بعدها شهيداً .. روى الأرض الفلسطينية بدماء عربية من اليمن .. ليؤكد مفهوم الوحدة كما جسدتها ( فتح ) وحدة الدم )) .
قصيعر تودع ابنها الشهيد في موكب جنائزي مهيب :
        لقد أوصى الشهيد أن يدفن في مسقط رأسه قصيعر ، قيل أن هذه الوصية في قصاصة ورق داخل جيب بنطاله، وعلى إثرها وبعد استشهاده تم نقل جثمانه من موقع القتال بفلسطين إلى عمّان بالأردن فبغداد ثم الكويت وبعده عدن فالمكلا ، وكانت في كل محطة تشيعه جماهير غفيرة إلى أن وصل الجثمان إلى قصيعر يرافقه وفد من حركة فتح وكبار المسئولين بالدولة ، وكانت جنازة مهيبة لم تشهد لها قصيعر مثيلاً . وبعد أن ووري جثمانه الثرى ألقى أحد الفدائيين الفلسطينيين المرافقين كلمة مؤثرة قال فيها :
( يا أهل قصيعر : ارفعوا رؤوسكم إلى السماء ، إن شهيدكم الذي واريتموه التراب جاء ليقاتل معنا كأي فدائي ، جاء ولم يذكر لنا نحن زملاؤه الرتب والشهادات التي كان يحملها .. ) .


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة