الصحة العالمية تنصح اليمن بتخصيص 50% من مصروفاتها الصحية على الرعاية الأولية
   
صنعاء/موقع محافظة حضرموت/سبأنت - الجمعة 14/3/2008
jzaery.jpg

نصح المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري اليمن بتخصص 50 % من مصروفاتها الصحية على الرعاية الصحية الأولية.

وقال الجزائري في حوار مع وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) خلال زيارته لليمن الأسبوع الماضي:" نظرا لكون اليمن من الدول الأقل نموا ذات الدخل المحدود، لا بد من التأكد من الأولوية، فإذا وضعت الأموال القليلة المتاحة في أولوية خاطئة سيتضاعف الخطأ، وإذا وضعت في مكانها الصحيح ستقل المشاكل الصحية إلى أقل قدر ممكن".
وأضاف: " المكان الصحيح هو الرعاية الصحية الأولية التي هي مركز صحي يعنى بجهة معينة وعدد سكان معين قادر على أن يقدم لهم غالبية الخدمات الصحية".
وأشار الجزائري إلى دول مثل سيريلانكا التي تعتبر من أفقر الدول لكن الصحة فيها أفضل من كثير من الدول ذات الدخل المضاعف لأنها اهتمت بالرعاية الصحية الأولية وأعطتها أكثر من 50 % من مخصصات الصحة واهتمت بالتمريض أكثر من اهتمامها بالأطباء.
ـ المستشفيات ليست الحل
يقول الدكتور الجزائري: "بالرغم من أهمية المستشفيات لكن مشكلة المستشفى تكمن في كلفته العالية جدا مقارنة مع مردوده المحدود على فئة معينة من الناس، فهو لا يستطيع أن يذهب إلى المجتمع".
وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة: "مع الأسف لأنه لا توجد خطة صحية بمركز الرعاية الصحية الأولية وأحيانا لا يوجد مركز أصلا، فأي شخص يمرض يأتي إلى المستشفى، وبالتالي يحدث ضغط كبير على المستشفى، وبالتالي تصرف مبالغ كبيرة على المستشفيات والعائد محدود".
وقال الجزائري: "عندما يعمل الطبيب في مستشفى ويأتيه مائة مريض يختلف عن 20 حالة، فالخدمة لا يمكن أن تكون متميزة - لا نضحك على بعض يعني".
وأضاف: "واجبنا نحن أولا أن نجعل الشخص يستمر صحيحا إلى أطول وقت ممكن فإذا مرض يتعالج في أول مكان للخدمات الصحية وهو المركز الصحي مع اشتراط أن تكون خدماته جيدة، ويفترض أن لا تزيد نسبة المحتاجين للذهاب إلى المستشفى عن 3 - 4 %".
ـ التغطية الصحية في اليمن
وعن التغطية الصحية التي تعني نسبة الجمهور الذين تصل إليهم الخدمات الصحية، أشار الدكتور حسين إلى أنه بالرغم من جهود وزارة الصحة في اليمن لتحسين النسبة بشكل سنوي، إلا أنها لا زالت أكثر قليلا من 50 % أي أن هناك كثير من الناس لا تصلهم الخدمات الصحية ويجب عليهم أن يذهبوا للبحث عنها.
وقال " نحن لم نصل طبعا إلى المرحلة التي نقول أننا وصلنا إلى شيء جيد".
ـ التمريض أهم من الطبيب
ويرى الدكتور الجزائري أن دولا مثل سيريلانكا استطاعت أن تتغلب على المشكلة الصحية بالاهتمام بكوادر التمريض أكثر من الأطباء، وقال: "الهرم في اليمن معكوس فالأطباء أكثر من التمريض وهذا يكلف الكثير مع
فائدة محدودة".
وأضاف الجزائري: "لان الطبيب يأتيه عدد كبير من الناس يضطر إلى إمضاء أقصر وقت ممكن مع المريض ثم يعطيه مباشرة وصفة طبية في وقت قد لا يحتاج إلا إلى نصيحة طبية، ولكن الممرضة أو الممرض أقرب إلى التفاهم والإقناع للمرضى لأنهم يعطونه وقت".
واستطرد قائلا:" ولكي نساعد الأطباء يجب أن نقلل عدد المرضى الذين يراجهونهم، عندها نستطيع أن نحاسبهم بضرورة إعطاء الوقت الكافي للمريض".
ـ شراكة كاملة بين اليمن والمنظمة
يقول الدكتور الجزائري: عندما نسأل في المنظمة ما هو البلد الذي عملتم فيه شيئا واضحا واستفاد، تكون اليمن من ضمن هذه الدول".
وأضاف الدكتور الجزائري: "أن المنظمة منذ العام 1954 وهي تشارك وزارة الصحة في اليمن في الأعمال الصحية بشكل عام بما في ذلك التخطيط والإعداد، ولعل مما تفتخر به المنظمة أن غالبية من تولى مناصب كبيرة في وزارة الصحة وربما في وزارات أخرى لديهم زمالات من الخارج على حساب منظمة الصحة العالمية".
وقال: العلاقة مع اليمن علاقة قديمة ومتينة ونحن المنظمة الوحيدة من منظمات الأمم المتحدة التي مكتبها داخل وزارة الصحة، لذا نحن لا نعتبر أنفسنا من الخارج أو مجرد مساعدين بل نعتبر أنفسنا شركاء شراكة كاملة.
وأضاف: نحن نقدم كل ما لدينا للتعاون مع الحكومة ووزارة الصحة ووزارة التعليم وزارة الزراعة وزارة المياه والبيئة، وكل شيء له علاقة بالصحة بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى درجة أنه يهمنا موضوع الطرق لأنه إذا كانت الطرق ليست سليمة معناها حوادث ومعناها صحة في الأخير".
وأوضح أن قضايا الصحة الخاصة من حيث المراكز الصحية والمستشفيات تعتبر آخر اهتمامات المنظمة، لكنها تعنى بشكل رئيسي بالصحة العامة أي الطب الوقائي ومعالجة الأمراض الوبائية وإصحاح البيئة والمياه النقية الصالحة للشرب، أي أن نعمل شيئا يكون لها أثر على أكبر عدد من الناس.
ـ إنجازات اليمن في مجال الصحة العامة
يقول الدكتور الجزائري: كانت اليمن من الدول المبكرة في التخلص من شلل الأطفال وهذا إنجاز كبير في حد ذاته، وأيضا عندما عاد شلل الأطفال مرة ثانية بسبب انتقاله من نيجيريا إلى السودان إلى اليمن استطاعت بالتعاون مع المنظمة أن تتخلص من الوباء في أقصر فترة ممكنة والآن أكثر من سنة ونصف واليمن خالي من أي حالة، وإنشاء الله العام القادم سيتم إعطاء اليمن شهادة بخلوها من شلل الأطفال.
وأضاف:" نسبة التطعيم في اليمن كانت متدنية جدا ما بين 20 و 25 %، والآن استطعنا بالشراكة مع الحكومة أن نصل بها إلى أكثر من 80 %، ونحن غير راضين عن هذا ونطمح أن تكون أكثر من 90 %.
وأردف:" نأمل أن لا نضطر إلى تكليف أعداد كبيرة من الفرق للذهاب لتطعيم الناس في منازلهم، فيجب على الآباء والأمهات مثل بقية أنحاء العالم أن يأتوا بأطفالهم إلى المراكز الصحية التي عندها إمكانية أن تقدم التطعيم وأن يكون لكل طفل سجل وبالتالي نعرف أن كل طفل تطعم فعلا".
وأضاف: ان من ضمن الإنجازات الكبيرة التي حققتها اليمن في السنوات الأخيرة في مجال الحصبة وهو من الأمراض التي قد تؤدي إلى الوفاة فكان هناك سنويا أكثر من 40 ألف حالة حصبة، لكن في العام الماضي بعد حملة مكثفة 14 حالة فقط، ونأمل أن يتخلص الإقليم بأكمله من الحصبة بحلول العام 2010 وذلك بزيادة نسبة التطعيم والحملات، كما تخلصنا في السابق من مرض الجدري والآن من مرض شلل الأطفال.
ـ وفيات الأمهات على رأس المشاكل الصحية
ينظر الدكتور الجزائري إلى أن وفيات الأمهات تعد المشكلة الأولى في اليمن، حيث تعتبر من أعلى النسب عالميا.
واشار إلى أن أهم أسبابها الزواج أو الحمل قبل اكتمال السن المناسبة للفتاة 18 - 19 سنة فالغذاء اللازم لنمو الفتاة يتحول إلى الجنين وبالتالي يصبح الجنين ضعيفا والأم تصبح أكثر ضعفا.
وقال:" حتى عند الولادة لا يتسع الحوض بالشكل الكافي وبالتالي إخراج الجنين يكون صعب جدا ما يزيد فرص النزيف أو التعسر في الوقت الذي تسكن في مناطق ريفية لا توجد فيها خدمات صحية جيدة من نقل للدم والخدمات الاسعافية فتتوفى الأم والجنين في العادة.
وأضاف أن:" السبب الآخر أن غالبية الولادات في الريف تتم بدون حضور قابلة مدربة، فأي صعوبة في الولادة تؤدي لا قدر الله إلى الوفاة".
وأشار إلى دور عدم وجود خدمات صحية منتشرة بشكل كافي في الريف، وفي حال وجودها تكون على مسافات بعيدة، وبالتالي تموت الحامل التي يحدث عندها تعسر في الولادة أو نزيف قبل أن تصل إلى المكان وإذا وصلت فقد لا يوجد أخصائي.
وأردف:" إن السبب الرابع سوء التغذية المنتشر كثيرا بين الفتيات أكثر من الأولاد".
وأشار إلى أن تحسين الخدمات الصحية بالتأكيد سيقلل عدد وفيات الأمهات لكن لن يقلله بالعدد المطلوب الأصل والأساس هو تجنب الزواج المبكر وبالأصح الحمل المبكر.


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة