كرامة مرسال ثلاث سنوات من الغياب برسم الحضور
   
المكلا/موقع محافظة حضرموت/خاص - الأحد 06/أغسطس/2017
news_20170806_4.jpeg
ثلاثة أعوام مرت منذ ان فجعت حضرموت بنبأ وفاة أبنها، واحد أعمدة الفن والطرب فيها .. ثلاثة اعوام منذ توقف قلبه، وسكت صوته، وغاب حضوره البهي .. الفنان كرامة مرسال .. أيقونة الفرح ، وروح الجمال ، وجمال الانتماء الحضرمي .
ولد كرامة مرسال في حي (برع السدة) السلام حالياً، أحد اقدم أحياء مدينة المكلا، عام 1946م، حيث تربى وترعرع فيه، وبدأت موهبة الغناء تظهر عليه في مرحلة مبكرة من عمره حينما كان يستمع إليه والداه يردد بعض الأغاني الشعبية.
في العام 1963م بدا كرامة مرسال مشواره الفني حينما كان في السابعة عشرة من عمره، وهي الفترة التي فقدت حضرموت فيها سلطان الطرب، ومن ارتقى بالذائقة الفنية في حضرموت "محمد جمعة خان "، الذي داع صيته الى خارج حضرموت، حيث ترك وفاته فراغا في الساحة الفنية، إلا أن كرامة مرسال الفتى الذي بدأ يتلمس طريق مشواره الفني التقط تلك اللحظة، فكان يحي حفلاته على انغام وأغاني محمد جمعة خان مما ساهم في ظهوره وحضوره على الساحة الفنية في وقت كان من الصعب الحديث عمن يسد مكانة محمد جمعة خان الفنية، حيث السطوة المطلقة والحضور القوي والشعبية الواسعة، واتى صدور أول أسطوانة للفنان كرامة مرسال عام 1969م  ليعلن عن بداية عهده الفني في مصاف القمم الفنية داك العهد حيث تنتشر اسطوانات البيك آب، واستديوهات البيع في مدينة المكلا  .
ثلاثة أعوام مضت لم تستطع .. ولن تستطيع السنوات القادمة أن تحجب ذكرى فنان بحجم كرامة مرسال، وشخصية اجتماعية، احبته الناس لارتباطه الوثيق بتفاصيل الحياة اليومية، وخفة دمه، وروحه الفكاهية فلا يكاد تخلو حفلاته ومقابلاته التلفزيونية من روح المرح والدعابة التلقائية، وتعبيراته العفوية التي يطلقها .
ثلاثة اعوام من فراق رجلاً قدم نفسه جزءً من أشواق الناس، فسكن قلوبهم فتراه يوزع الود، والحب والابتسام على الجميع، ويقف معهم في ملماتهم .. ومحطات حساسة من صروف الزمن ليكون الاب والاخ والصديق .. كرامة مرسال ليس فقط مطرب يشدو بالكلمات، لكنه انسان مرهف الاحساس، يتمثل روح القصيدة فتسمعه حين يغني ينقل الكلمة بإحساس المعنى، وبوح المكنون .. يتمثلها صوتاً واداءً، وهي احدى خصائصه الفنية وافرازات نجاحه فتطرق القلوب, ومن هنا جاء تفوقه ملحناً يضع الجملة اللحنية لتناسب المعنى اللفظي للقصيدة الشعرية ليأتي العمل الفني بعد ذلك متكاملاً .. متناسقاً يسكن السرمدية الروحية، حيث يبقى في ذاكرة الزمان والأجيال، ولعل كنوز اعماله الفنية العاطفية والوطنية .. واللحنية منها دليل قوي على قدرة المرسال على أرسال هذه النفائس الى خزائن النفوس التواقة العاشقة لها، فالفنان كرامة مرسال كان احد ابرز من غنوا ولحنوا الأناشيد الوطنية، وله رصيد كبير منها، كانت بدايتها في النصف الاخير من ستينات القرن الماضي بأنشودة "دقّت الساعة" من كلمات الشيخ المرحوم عبدالله أحمد الناخبي .
غنى الفنان كرامة مرسال للعديد من الشعراء، على رأسهم الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار، كما غنى من أشعار الراحل عمر أبوبكر العيدروس، وأحمد سالم البيض، وسعيد محمد بن طاهر باوزير، وأحمد سالم بامطرف، وجمعان بامطرف، وجنيد باوزير.. وغيرهم، ورغم آلامه  ومرضه .. ظل يواصل رسالته الفنيه، وبقى متسيداً فوق المعاناة حتى اسقطه الشعور بالاهمال ، والنسيان والنكران ، جسدتها صورة التقطها المصور الفوتوغرافي المبدع محيي الدين سالم ، حينما لم يستطع "مرسال" أن يحبس مشاعره لتنسكب دموعه وهو يغني ليكتب محيي الدين بعد وفاة "كرامة مرسال" أن الصورة موجعة حينما شعر الفنان بأن عمره الفني لم يشفع له وما قدمه خلال سنوات أن يمنحه حق السؤال من المعنيين في الامر عن حاله وصحته .
توفي الفنان الكبير كرامة سعيد مرسال يوم الأحد الثالث من أغسطس من العام الميلادي 2014 في مسقط رأسه بمدينة المكلا بعد صراع مع المرض .. مات من طرز ليالينا أفراح، وسكب على أيامنا الشهد.. مات كرامة مرسال تاركاً في قلوبنا غصة لن تزول، تجددها ليالي الطرب والانس، وحكايات مثيرة، ومواقف لا تنسى.. وايام رمضان والعيد حيث ظل يشدو أقبل العيد.. فذهب الشادي.. وبقي العيد ذكرى لحبيب جعل اللحن والشدو يبكي طيور الاغتراب الحضرمي، ويهيج لواعجهم كلما اقترب من حدود صعبة "فتعالي لي بثوب العيد ذلك الحلو المشجر واحضني القلب المعنّى".
ثلاث سنوات من غيّب الموت الفنان القدير كرامه مرسال الذي احبته الناس، وتعدَّى صيته حضرموت الى الجزيرة العربية وبعض اقطار الوطن العربي حمل في اسفاره اليها الموروث الفني الحضرمي، وتحدث اليهم باللهجة الحضرمية، ليغدو سفيراً فنياً بحق .. ثلاث سنوات .. ولازلنا نقول يشهد الله اني عادنا فيك حبان .. ومتيم في الهوى .


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة