وفي بداية الحفل رحب السيد البروفيسور /عبدالله محمد باهارون – رئيس جامعة الأحقاف بالعلماء والمثقفين والمشاركين وجميع الحاضرين .. وأثنى على سيرة الفقيد ورحلته العلمية التي بدأها منذ صغره رغم المصاعب الجمة التي كانت تعترض طريقه في النهل من العلوم الدينية ، وذكر منها معاصرته للحربين العالميتين والمجاعة التي عصفت بالبلاد والعباد آنذاك ، إضافة إلى الجهل والمرض والتخلف اللذان تربصا بالمجتمع . وقال : إن تلك الظروف القاسية لم تحل دون اكتسابه الشعر الأنيق والأسلوب الدقيق ، معرجا في حديثه على بعض من شيمه وصفاته التي تتناسب والآية القرآنية التي تذكر صفات المؤمنين في سورة الفرقان ، وأضاف : إنه ليس ممن زهى أو تعصب ، ومعاشرته هينة لينة مع أهله وأقرانه وطلابه ، بل وانفتاح عقله الكبير الذي يستوعب كل جديد . وأشار إلى أن جامعة الأحقاف آلت على نفسها إلا أن تنمي المواهب والإبداعات التي غرسها الفقيد في قلوب وعقول طلابه ، فعمدت إلى إقامة أسبوع ثقافي وأدبي حافل بالفعاليات الشعرية والفكرية والمنافسات الأدبية والمسابقات العلمية ، وفاء منها واعترافا بدور الفقيد في ترسيخ جذور الكلية ورفع الشكوك التي دارت حولها منذ نشأتها ، وعمل ودرس فيها بكل تفاني وإخلاص .
هذا وكان لعلماء مدينة تريم كلمة ألقاها عنهم السيد العلامة / سالم بن عبدالله الشاطري شكر فيها جامعة الأحقاف رئاسة وعمادة على إقامة هذا الحفل التأبيني الذي يعد إكراما واعترافا لما قدمه الفقيد لهذه الكلية ، وقال : إن الوفاء للمعلم واجب يعرفه أهل المروءة مستعرضا بعضا من دروسه التي كان يقيمها في مجال العلوم العربية من نحو وصرف وأدب ، داعيا الطلاب غير العرب إلى السير على نهجه والاستفادة منه في التكلم بالعربية بطلاقة .
وفي كلمة أسرة الفقيد التي ألقاها عنهم السيد/ أبوبكر حسين عيديد نجل الفقيد استعرض فيها رحلاته العلمية ، ذاكرا بعضا من مؤلفاته التي لا زالت أغلبيتها مخطوطة ، منها ( الخطب المنبرية ، والأرض وضعها للأنام ، وديوان شعر ، وغيرها ) ، مبينا الجوانب الخفية من حياته ونشأته ، إذ كان شغوفا بالقراءة وبعقد الدروس العامة والخاصة وعمارة مساجد أجداده ، وكما اشتهر عنه تدريسه للعلوم العربية إلا أنه لم يكن واقفا عند هذا ، فقد عقد دروسا في الفقه والتفسير وغيرها من العلوم الشرعية ، وقال : إن فقد عالم كهذا ليس خسارة لأسرته فحسب ، وإنما هي خسارة تعم الجميع . وشكر القائمين على حفل التأبين معتبرا إياه اعترافا بإسهاماته الجمة التي قدمها للكلية .
وعرضت اللجنة المنظمة للحفل فيلما وثائقيا عن حياة الفقيد الراحل ، تناول شيئا عن مولده ونشأته وجوانب من حياته العلمية والعملية وكذا مؤلفاته ، كما استعرض نماذج من قصائده التي ألقاها في مناسبات مختلفة .
يذكر أن الفقيد كان من أوائل المدرسين بكلية الشريعة منذ تأسيسها في 1416هـ /1995م ، واستمر يقدم من خيرات العلوم العربية لطلاب الكلية رحمه الله رحمة الأبرار .
هذا وقدمت في الحفل أبيات شعرية ومراثي للأدباء / جعفر السقاف ، وسالم زين باحميد ، والأستاذ يعقوب بلسعد – من جماعة أدباء تريم ، والدكتور/ عمر علوي بن شهاب ، والشاعر المصري / يوسف العدوي الفرشوطي ، والشيخ/ عمر أبوبكر الخطيب ، وغيرها من الأشعار المقدمة من طلاب الكلية .
حضر الفعالية الحبيب / عيدروس بن عمر الكاف – مشرف عام كلية الشريعة ، والعلامة / سالم بن عبدالله الشاطري – مدير عام رباط تريم ، والشيخ/ علي سالم بكير، والدكتور/ علوي حامد بن شهاب – ممثل عميد كلية التربية بجامعة حضرموت ، والأستاذ / عبدالله بن سهل – مدير إدارة التربية والتعليم بتريم ، وثلة من العلماء والمشائخ وطلاب كلية الشريعة .
هذا وقددشن البروفيسور السيد/ عبدالله محمد باهارون – رئيس جامعة الأحقاف يوم أمس الأول الأسبوع الثقافي والرياضي الثاني بكلية الشريعة بتريم ، والذي سيستمر من 20 إبريل الجاري حتى الثلاثين منه ، ويقام فيه جملة من الفعاليات الثقافية والأدبية والرياضية لطلاب كلية الشريعة بالجامعة وبمشاركة طلاب كلية التربية بجامعة حضرموت وثانوية تريم ، تحت شعار ( معا نلتقي لنرتقي ) .
وكانت أولى تلك الفعاليات محاضرة للسيد رئيس الجامعة بعنوان " السياسة وطالب العلم " حيا فيها النشاط الطلابي الفعال والمتواصل ، وأثنى على إصدارهم المجلة الشهرية الموسومة بالمفتاح ، وكذا الأسابيع الثقافية والرياضة السنوية والتي تقام للمرة الثانية على التوالي ، كما حثهم على إيلاء دراستهم مزيدا من الاهتمام والمثابرة . وأوضح أن على طالب العلم أن يعرف مكانته في المجتمع وما ينبغي عليه أن يوليه أكبر قدر من اهتمامه ، ونصحهم بتطبيق القواعد الفقهية والأصولية التي تلقوها على واقعهم ، ومراعاة الحالات الضرورية والتي تغلب فيها مصلحة المسلمين على غيرها من المصالح ، أو فيها درء مفسدة أعظم من مفسدة السكوت . وقال: واجب المسلم عامة وطالب العلم خاصة دفع الظلم عن عباد الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن الهوى وإن كان أساس عمل السياسة في كثير من الحالات ، إلا أن أمن البلاد والعباد مقدم على تلك المفسدة .
واستعرض السيد البروفيسور الأحداث التاريخية التي مرت بها حضرموت قديما ، وخاصة في عهد الفقيه المقدم الذي كثرت في زمنه الحروب والسلب والنهب ، حتى كان الغالب عدم الاستقرار الأمني ، إلى أن جاء الفقيه وانتزع سيفا وكسره أمام الملأ وقال قولته الشهيرة ( من شله ذلُّه ) ، وقيل في ذلك إنه ما كسر السيف ولكنه أنهى الحيف ، ثم ساد الأمن والأمان وعم الاستقرار أرجاء البلاد ، حتى صار صلاح المجتمع عنوانه .
وخلال هذه الفعالية ألقى الطالب محمد حامد باحميش رئيس اللجنة المنظمة كلمة الطلاب رحب في مستهلها بالسيد رئيس الجامعة ، شاكرا له اهتمامه الكبير بأبناءه الطلاب ومتابعته الحثيثة لشؤونهم الدراسية ، ودعمه المتواصل للأنشطة الطلابية المتعددة ، كما شكر كلية الشريعة ممثلة بعميدها الدكتور محمد عبدالقادر العيدروس لإتاحة الفرصة للطلاب لإقامة هذا الأسبوع في نسخته الثانية .. مستعرضا فيها البرنامج الثقافي الحافل بالفعاليات الرياضية والثقافية وهي محاضرات وندوات ومسابقات ثقافية وقراءة قصة المولد النبوي الشريف ، وزيارات علمية ميدانية ، ومهرجان إنشادي ، بالإضافة إلى أنشطة رياضية في كرة الطائرة والقدم ، وتختتم الفعاليات بتكريم أوائل المتسابقين .
هذا ، وتأتي زيارة السيد رئيس الجامعة لكلية الشريعة في إطار جولاته الاعتيادية التفقدية ، اطلع فيها على أجواء الدراسة في الفصل الدراسي الثاني ، ومتعرفا من الأساتذة ورؤساء الأقسام على سير العملية التعليمية الأكاديمية بالكلية ، والصعوبات التي تواجهها ، وحث الكادر التدريسي على المتابعة الجادة للطلاب في بحوث تخرجهم وتوجيههم ومساعدتهم لجمع شتات المسائل لإبراز البحوث في أكمل صورة لها لتؤدي هدفها المنشود .