لا تزال أجواء الكآبة والحزن والمفاجآت المفجعة تلف وتعصف بوادي حضرموت والمهرة , فالنفوس مكسورة والألسن تلهج بالدعاء إلى الله باللطف مما هو قادم , وفي حرص واهتمام مشهود من مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع ـ بمدينة سيؤون عاصمة الوادي ـ الذي تفاعل بتكثيف أنشطته في هذا الشأن في محاولة لمعالجة تبعات الكارثة التي أصابت البلاد فتوالت فعاليات المركز العلمية و التوعوية والتوثيقية .
في هذا الصدد بتفرد وامتياز لا نظير له في المحيط , و في هذا الشأن وبحضور الدكتور محمد أبوبكر المفلحي - وزير الثقافة أقام المركز في منتداه الأسبوعي المنتظم محاضرة علمية وتوثيقية هامة بعنوان "التغيرات المناخية ومخاطرها على العمارة الطينية في حضرموت" ألقاها الأستاذ الدكتور/ أحمد بن محمد السقاف -أستاذ التربية البيئية والاجتماعية المشارك بجامعة حضرموت . وقد انتهى المحاضر إلى وصف ضمني بأن اليوم ليس الأمس والغد في ظهر الغيب و المؤشرات الراهنة تفرض الاستعدادات الجادة والمسئولة من قبل الجميع وبخاصة الحكومات والمؤسسات التعليمية و الاجتماعية في عموم المنطقة بأسرها ولابد من تظافر وتوحيد الجهود للسيطرة على تغيرات مناخية وبيئية حقيقية وكبيرة وخطيرة قادمة لا محالة قد تنقلنا إلى واقع بعيد كل البعد عما سمعناه وألفناه في الطبيعة و البيئة والتضاريس في واقع معاشنا اليومي ، وكل ما يرتبط بذلك منذ مئات السنين وقد تفوق في أحداثها حتى تخيلات العلماء و المختصين فضلاً عن العامة , وما الكوارث والتغيرات التي يشهدها عموم العالم اليوم في هذا الجانب إلا نواقيس خطر و مؤشرات صريحة لهذا المخاض الذي نعيشه و يجب التعامل معه بغاية الجدية والحذر والاستعداد .هكذا يمكن وصف وتلخيص هذه المحاضرة الغير عادية و التي في غاية الأهمية والوضوح اشتملت على تفاصيل أوسع وصور حية من الواقع والتاريخ وعروض مرئية مستندة على ثوابت قرآنية ومرتكزات علمية دقيقة تسلح بها المحاضر وزميله في إعداد هذه الدراسة الحاضر الغائب المهندس/ سالم بن محمد السقاف , الدراسة هامة جداً , وقد حذرت سلفاً وتنبأت منذ يناير 2008 وهو تاريخ إعدادها بالكارثة التي حدثت في حضرموت ونتائجها إلا أنه يبدو إن التنبوءات العلمية يعتبرها البعض ضرباً من التنجيم والشعوذة, فقد كان بالإمكان وبكل تأكيد التخفيف كثيراً من نتائج الكارثة لولا ضيق أفق القيام بتلك المعالجات الضرورية على الرغم من التحذيرات العديدة لها من قبل العلماء محلياً وعالمياً والحيثيات في ذلك عديدة وهذا ما أكده الواقع بعد الكارثة ، وعززه الغياب الكامل للمختصين في السلطة لهذه المحاضرة باستثناء وزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي الذي أضفى على هذه المحاضرة أهمية علمية واجتماعية و إنسانية لدماثة خلقه وسعة أفقه وقدرته على حوار الطرف الآخر بشفافية ، كما اتضح من مداخلته الرفيعة وتقبله لتعدد المحاورين بعد انتهاء المحاضرة . الأمر الذي اعتبرته بعض عناصر المعارضة بأنه خير سفير للحكومة ولو كانت كل الحكومة مثله لما كانوا معارضين . كما حضر المحاضرة التي أدارها الدكتور عبدالله بن محمد بن شهاب الأستاذ المحاضر بجامعة حضرموت و عالم الآثار الروسي سرجي فرانتبوزف ونخبة من العلماء والمفكرين من عموم اليمن وغيره الذين دونوا كلمات الإعجاب والثناء بكل ما حاط بهم .