المنابر التاريخية والأثرية تؤكد الإشرقات الحضرمية
   
سيئون/موقع محافظة حضرموت/خاص - السبت 20/9/2008
alsaggaf-manaber2.jpg

منذ أكثر من ثمانية قرون ازدهر في حضرموت فن النقوش وصناعة المنابر الخشبية المصنعة من أشجار السدر القوية والعصية في التعامل والمقاومة أكثر من غيرها للآفات وعوامل الطبيعة . ولهذا ظل بعضها محتفظا بتلك النقوش إلى اليوم وكأنها تحدثنا وتصور لنا بوضوح أقرب إلى التجسيد والشخوص لتلك الحقب المزدهرة , ولولا جهل بعض الأجيال والأفراد بقيمتها التاريخية والفنية و سوء المحافظة عليها لظلت بذات الحال الذي تركها عليه نجارو آل بافرج . وهذه الأسرة تحديدا اشتهرت بإتقانها لهذا الفن الدقيق و الرفيع، فقد فرضوا بأناملهم الماهرة اسمهم في أقدس الأماكن وأهم المواضع الروحية و التاريخية في معظم أرجاء حضرموت لفترة طويلة .

هذا جزء من مقدمة لمحاضرة تراثية ثرية وعميقة بعنوان ( لمحات تاريخية وفنية للمنابر الأثرية في وادي حضرموت ) ألقاها في مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع بمدينة سيؤون الباحث و مؤرخ الآثار الأستاذ / عبدالرحمن بن حسن السقاف - مدير الهيئة العامة للمتاحف والآثار بوادي حضرموت , ضمن فعاليات المركز الثقافية المنتظمة .
كما استعرض السيد السقاف في بحثه العميق والمفصل الذي هو بصدد إخراجه قريباً في كتاب تفاصيل مثيرة ومبهرة مدعمة بالصور لرحلة بحثية شاقة استغرقت عدة سنوات رصد فيها كافة مراحل اكتشاف وترميم أربعة منابر تاريخية وجد منها الأول في جامع مدينة شبام بحضرموت المعروف باسم مسجد هارون الرشيد الذي أمر ببنائه في فترة خلافته ، والثاني من قارة الشناهزة التاريخية التي يرجح إنها الموطن الأصلي لقبيلة الصناهجة النازحة منها إبان الفتوحات الإسلامية إلى المغرب العربي و استقر الكثير منهم في الجزائر حيث سميت موطنهم الجديد في الجزائر باسمهم ( صنهاجة )، والثالث والرابع من مسجد واحد بمدينة قيدون بدوعن. كما ذكر المحاضر قصة صناعة أول منبر في الإسلام صنع للرسول صلى الله عليه وآله وصحبه و سلم  , كما أكد السقاف أن صناعة المنابر في حضرموت كانت تخضع لقوانين وضوابط دينية وفنية دقيقة و أنها كانت تصنع في حضرموت وترسل إلى المدينة المنورة وبعض المدن الإسلامية الأخرى .  
وقد أكد السقاف بأن المنابر الحضرمية تعد لوحات فنية نادرة عالية القيمة الأثرية والفنية فهي تعكس مدى الرقي والتطور والحس الذوقي والقدرة على حفر صور وأحداث من ذلك العصر بمهارة فائقة تختزن في أعماق التاريخ , ناهيك عن البعد الديني الذي يضاعف تلك الأهمية , الأمر الذي لفت اهتمام الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز خلال زيارته لوادي حضرموت وقام بتمويل أعمال ترميم المنابر الأربعة التي شارك فيها مركز ابن عبيدالله السقاف لخدمة التراث والمجتمع والمشروع اليمني الألماني للتنمية الحضرية ومتحف سيؤون وخبراء عرب و أوربيين وتم ذلك بأيدي خلف المصنعين .
كما ركز السقاف وكله أمل على أهمية بث الوعي التراثي وتعميم ثقافة التعامل مع الآثار بين جميع فئات المجتمع فهي إرث وطني وقومي وإنساني يرقى على أية حسابات أخرى و إن الآثار أمانة يجب الحفاظ عليها وتسليمها من جيل إلى جيل في أفضل أوضاعها .


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة