أكد مجلس النواب على أهمية ان تضع الحكومة سياسة حكيمة واستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة ومعالجة الارتفاعات المتصاعدة للأسعار والحد منها .
وتطرق لمحاور قال أنه من خلالها يتم ذلك، مشيرا إلى ضرورة اللجوء إلى تشجيع عملية الانتاج المادي وفي مقدمة ذلك الانتاج الزراعي والحيواني وتوسيع رقعة ومساحة هذا النشاط على امتداد الوطن اليمني بكامله ودعم المزارعين بتسهيل وتوفير مقومات الانتاج الزراعي والحيواني مع إعطاء اولوية للمحافظات والمناطق التي تتميز بخصوبة التربة الصالحة للزراعة، وحيث تتوفر المياه والمراعي وذلك لما من شأنه الوصول الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل الحبوب والخضار والفواكه بمختلف أنواعها لتغطية السوق المحلية وللحد من عملية الاستيراد من الخارج .
ودعا النواب في جلسة اليوم إلى أهمية تعزيز درجة الوعي بطبيعة النمط الاستهلاكي الحالي وإعادة النظر في ذلك وإعطاء عناية للاقتصاد الطبيعي والإعتماد عليه من خلال زيادة الاهتمام بالإنتاج المحلي في الجانبين الزراعي والحيواني وتسخير وتوظيف رقعة الأرض الصالحة للزراعة لإنتاج ذلك.
وأكدت المناقشات لدى وقوفهم في هذه الجلسة أمام موضوع الارتفاع المتصاعد لأسعار السلع في ضوء الاستفسارات المطروحة من اعضاء المجلس بهذا الخصوص والردود الايضاحية المقدمة من جانب وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى يحيى المتوكل على ضرورة ان تضاعف الحكومة بأجهزتها المختصة من دورها في هذا الجانب وفي إطار القانون لتعزيز مراقبة حركة الاسعار والخروقات التي يقوم بها بعض المخالفين.
وأشارت إلى أهمية التركيز كذلك على المواصفات والمقاييس وجودة السلع وإشهار أسعارها في محلات البيع وتقديم المخالفين إلى القضاء.
وكان وزير الصناعة والتجارة قد أوضح في معرض رده على استفسارات أعضاء المجلس أن المتتبع للأوضاع الاقتصادية العالمية منذ أشهر عديدة، لابد ان يدرك حقيقة أن اهم ما يميز تلك الاوضاع هو ارتفاع أسعار كثير من السلع وخاصة السلع الاستراتيجية كالطاقة والمواد الغذائية الاساسية كالقمح والدقيق والارز والزيوت والحليب.
منوها إلى انه قد تسببت مجموعة عوامل في حدوث تلك الزيادات السعرية على مستوى العالم وبالتالي انعكست في اسواقنا المحلية وبصورة مضطردة تبعا لأسعار الأسواق الدولية ومنها الدول المنتجة على وجه الخصوص.
وأشار وزير الصناعة والتجارة الى أن الإرتفاعات والزيادات السعرية هي ظاهرة عالمية تأثرت بها جميع دول العالم ومن ضمنها الدول المنتجة وان أهم السلع التي طرأت عليها الزيادات هي المواد الغذائية الأساسية والنفط كما أن مادتي القمح والدقيق هما أبرز السلع الأساسية التي سجلت زيادة تصاعدية في أسعارها.
وعدد أسباب ذلك بتراجع الإنتاج العالمي من مادة القمح مقابل زيادة كبيرة في الطلب، وقال " تراجع الإنتاج لظروف مناخية من جفاف شديد وفيضانات مدمرة في مناطق إنتاج القمح وخاصة في استراليا وأوروبا وكندا والهند والمغرب وباكستان بحيث تحول البعض منها الى دول مستوردة وكذا ارتفاع عناصر التكلفة في الدول المنتجة بسبب ارتفاع اسعار الطاقة والأجور وغيرها وتحول بعض الدول الى انتاج الذرة باعتبارها تدخل في صناعة الوقود العضوي ".
ولفت الى زيادة أجور النقل البحري الى ثلاثة أضعاف ، وقال " اجور الشحن من الولايات المتحدة الأمريكية الى اليمن ارتفع هذا العام من 58 دولار الى 140 دولار وكذلك ارتفع بنفس الزيادة تقريبا من الدول المصدرة الأخرى كأستراليا وأوروبا "، منوها الى توقف بعض الدول عن التصدير بسبب الظروف السائدة وحاجتها لسد الطلب المحلي.
وبشأن أسعار القمح العالمية وأثرها على السوق المحلية بين الوزير أن أسعار القمح العالمية تصل الى 398 دولار للطن في بلد المنشأ في نهاية شهر سبتمبر 2007م مقارنة بـ 187 دولار للطن في نهاية يناير من هذا العام والذي يبين الزيادة الكبيرة التي حدثت في الأسعار العالمية بفارق 211 دولار للطن الواحد أي بنسبة 113 % أي أكثر من ضعف سعر يناير، موضحا أنه في الوقت الذي ارتفعت أجور النقل البحري من الولايات المتحدة
الأمريكية من 58 دولار للطن في شهر يناير 2007م الى 123 دولار للطن في شهر سبتمبر وبنسبة 112 % لتكون بذلك قيمة طن القمح في موانئ اليمن 245 دولار في يناير 2007م و521 دولار في شهر سبتمبر بزيادة 112.6% خلال الفترة نفسها مع اختلاف تكلفة الطن الواحد وفقا للمسافات بين موانئ التصدير وموانئ الجمهورية.
وأشار الى أنه في المقابل كان السعر المحلي لكيس القمح متوسط 2690ريال في شهر يناير 2007م وبلغ 4500ريال في شهر سبتمبر بفارق 1810 ريال وبنسبة 67 % أي أقل من الزيادات العالمية في أسعار القمح .
وقال " يرجع ذلك الى تدخل الوزارة بإجراءات منها احتساب متوسط سعري لكميات القمح الموجودة في صوامع ومخازن المستوردين طبقا لتاريخ الوصول وأسعار الشراء وعناصر التكلفة حينها وكذا التنسيق مع المستوردين تحقيقا لمبدأ الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وبالاتفاق على أن تكون أية زيادة مبررة بالوثائق المؤيدة لعناصر التكلفة الخارجية والداخلية والأخذ بعين الاعتبار تاريخ ابرام التعاقدات وتكاليف النقل البحري والعناصر الأخرى في ذات الوقت, إلى جانب التزام المستوردين والمنتجين بتغطية المحافظات وإلزام الوكلاء والموزعين بالبيع بحسب السعر المتفق عليه ، اضافة إلى تعزيز دور المؤسسة الاقتصادية اليمنية في استيراد وبيع القمح من خلال منحها تسهيل من قبل الحكومة بقيمة (50) مليون دولار.
وأوضح وزير الصناعة والتجارة إلى أن الاسعار العالمية للقمح تراجعت قليلا بعد شهر سبتمبر في حين ارتفعت اسعار النقل البحري لتبلغ في نهاية شهر اكتوبر 141 دولارا للطن بسبب ارتفاع النفط .
كما اوضح من جانب اخر ان الاسعار المحلية للكيس الواحد عبوة 50 كجم ارتفعت إلى متوسط 5600 ريال للقمح الاسترالي و4800ريال للقمح الامريكي وذلك بحسب تقارير المسح الميداني من امانة العاصمة والمحافظات وبنسبة 7 % فقط للقمح الاسترالي و6 % للقمح الامريكي، موضحا أن الزيادة في الأسعار المحلية تظل اقل من الزيادة العالمية.
ولفت إلى أن السبب في ذلك احتساب الاسعار المحلية يتم باحتساب متوسط اسعار الكميات الواصلة في فترات مختلفة وباسعار كل عقد أو صفقة.
وفيما يتعلق بمادة الدقيق أوضح أن اسعارها وفوارق تلك الأسعار تماثل أسعار القمح مضاف إليها تكاليف الطحن ونسب الاستخراج للنخلة والتي تقدر بنسبة 18 % تقريباً من قيمة القمح أي بحوالي 900ريال فارق بين متوسط سعر كيس الدقيق وسعر كيس القمح.
وأكد على توفر السلع في كل المحافظات والمديريات مع قيام المؤسسة بتلبية الطلبات التي تأتي من المديريات البعيدة.
وفيما يتعلق بالأوضاع التموينية بين الدكتور المتوكل أنه رغم نقص المعروض العالمي من مادة القمح فقد نجح المستوردين والمؤسسة الاقتصادية اليمنية في تأمين احتياجات البلاد من مادة القمح، وكذلك مادة الدقيق المنتج محليا، مستعرضا بذلك كمية القمح المستورد في الفترة الماضية والكميات المتوقع وصولها حتى نهاية العام 2007م .
وقدر مخزون القمح الموجود في صوامع الغلال ومخازن الحبوب بكمية 200 الف طن والكميات الواصلة حديثا إلى الموانئ خلال شهري سبتمبر واكتوبر 2007م هي 716 ألف طن تقريبا, أما الكميات المتعاقد عليها حتى نهاية هذا العام من اكتوبر وحتى ديسمبر 2007م هي 705 ألاف و500 طن ، فيما بلغ إجمالي كميات القمح من المخزون والواصل خلال شهر سبتمبر الماضي والمتوقع وصوله حتى نهاية العام هي مليون و666 ألف و500 طن.
وردا على الإستفسارات الموجهة من اعضاء مجلس النواب والخاصة بالإجراءات التي اتخذتها الوزارة في مواجهة تلك الاوضاع التموينية والسعرية لخص وزير الصناعة ذلك بتفعيل دور ومهام الوزارة وأجهزتها ومكاتبها في تنفيذ القوانين واللوائح المنظمة للنشاط التجاري وفقا لنصوص الدستور والتشريعات النافذة، وتفعيل مهام مكاتب الوزارة في الأمانة والمحافظات في مسح الاسواق ورصد الأوضاع التموينية وحركة الأسعار ومواجهة أية اختناقات ، وكذا تشكيل غرف عمليات في ديوان عام الوزارة وفي مكاتبها في أمانة العاصمة والمحافظات لإعداد التقارير اليومية عن الاسواق والاسعار والقيام بتحليل اي زيادات سعرية ليتم بموجب ذلك اتخاذ الإجراءات والمعالجات, إلى جانب تشكيل فرق تفتيش تحمل صفة الضبطية القضائية ويبلغ عددهم 152 مأمور ضبط قضائي يتولون ضبط المخالفات واثباتها بإجراءات رسمية وإحالتها إلى النيابة العامة .
وأوضح أنه تم ضبط 2215 مخالفة خلال الفترة يناير وحتى نهاية اكتوبر 2007م باستثناء رصد المخالفات من قبل الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس.
واضاف يتم التنسيق الدائم والتعاون المستمر مع وزارة العدل واجهزة القضاء والنيابات العامة في القضايا التموينية والمخالفات في جميع المجالات الإقتصادية -( الصناعية والتجارية) اضافة إلى تفعيل دور جهاز تشجيع المنافسة ومنع الإحتكار وفقا للقانون رقم 19 لسنة 1999م ولائحته التنفيذية من خلال ممارسة نشاطاته ومهامه المحددة، وكذا توسيع نشاط دور المؤسسة الاقتصادية اليمنية في مجال استيراد وتسويق المواد الغذائية الأساسية وخاصة مادتي القمح والدقيق وبما يحقق المنافسة في توفير السلع الاساسية للمستهلك بأسعار مناسبة.. إلى جانب إجراء مراجعة تشريعية للقوانين التجارية بهدف تعزيز المنافسة وخاصة المادة 28 من القانون التجاري المعروض على المجلس للمناقشة واستكمال الإجراءات الدستورية بشأنه.