تحل علينا ذكرى التحرير الرابعة وقد حققت حضرموت العديد من الانجازات، ومشت
خطوات نحو المستقبل الذي ينشده أبناءها، فبعد أربعة أعوام برزت الكثير من
الملامح الحضارية ووجدت نفسها بعيدة مما يحصل في المحافظات الأخرى بفضل
قائد ربانها سيادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني محافظ حضرموت قائد
المنطقة العسكرية الثانية..
الرجل الذي تحمّل أعباء كبيرة أنهكت صحته، لكن بفضل حنكته وخبراته المتراكمة استطاع أن يمسك زمام الأمور الموكلة إليه بكل اقتدار.
تحدثنا إلى القائد البحسني، تزامنا مع حلول الذكرى الرابعة لتحرير ساحل حضرموت من عناصر تنظيم القاعدة، فحاولنا استرجاع ذكريات الرجل ومواقفه قبل وأثناء التحرير كونه قائد تلك المرحلة والمعركة، وقد خرجنا بحصيلة منفردة لم يتطرق لها من قبل.
نص الحوار:
– أهلاً بكم سيادة اللواء، بدايةً بالعودة إلى ما قبل تشكيل النخبة الحضرمية، هل تعتقد أن سقوط المكلا بيد القاعدة خيانة؟
البحسني: مرحباً بكم.. نعم بكل تأكيد نُطلق عليه خيانة لأن حجم القوة العسكرية التي كانت متواجدة بالمكلا وضواحيها في المنطقة العسكرية الثانية كبير جداً، أكثر من 7 ألوية من ضمنها ألوية مدرعة ومدفعية، والهجوم الذي حصل من العناصر الإرهابية بقوام 60 إلى70 إرهابي فقط، هذه القوة العسكرية التي كانت موجودة فعلا استلمت أوامر بأن تُسلم مدينة المكلا عاصمة حضرموت للعناصر الإرهابية، وهذا الأمر طبعاً كان بتنسيق بين الحوثيين ورئيس النظام السابق، ولذلك نقول هي خيانة.
– بالعودة الى ما قبل أربعة أعوام، ما أبرز موقف رأيته بعينك في يوم التحرير؟
البحسني: يوم التحرير كان يوم مشهود، وهناك الكثير من المواقف كانت ملفتة بالنسبة لي، وأبرزها على سبيل المثال استعداد الجنود في النخبة الحضرمية لتحرير مدينة المكلا واندفاعهم بشكل قوي نحو مركز المدينة ونحو الميناء ونحو كل احياءها وضواحيها بهدف تطهيرها من عناصر القاعدة، فكانت لديهم من الشجاعة والروح المعنوية ما جعلهم يستطيعون أن يتجاوزوا أي عدو ، والشيء الثاني الملفت وهو المواطنين فلقد كان المواطنون متحمسون بشكل كبير ونزولهم للشوارع لاستقبال قوة التحرير.
حيث كان استقبال الأبطال من قبل المواطنين وهذا حدث لن يُنسى ابداً من الذاكرة.
– على ماذا اعتمدتم بشكل أساسي لاستعادة المكلا من القاعدة؟
البحسني: اعتمدنا بصورة أساسية على تشكيل قوة عسكرية ضاربة لأن العناصر الإرهابية بعد أن تمكنت من المكوث على الأرض لفترة طويلة كان من الصعب خروجها بسهولة، ولذلك كان لابد من إعداد قوة عسكرية من الشباب الحضرمي تم تدريبهم وتأهيلهم بمعسكرات في صحراء الربع الخالي، بعيدا عن متناول القاعدة وعندما تم تدريبهم وإعدادهم وتجهيزهم تم وضع هذه الخطة وبالتالي كانت الخطة محكمة والقوة كانت كبيرة جداً التي ضمن هذا القوام ولذلك كان النجاح من حليفنا.
– كيف هو دور الأخوة الإماراتيين في معركة التحرير؟
البحسني: الدور الإماراتي كان كبير وحاسم وقوي في هذه المعركة، وكانوا موجودين منذ التحضير للمعركة، حيث وفروا كل الإمكانيات في سبيل أن تكون هذه المعركة ناجحة من سلاح وعتاد ودعم لوجستي واتصالات، أما العمل على الأرض كان دعم لوجستي جوي قوي ساعد في ضرب نقاط السيطرة ومراكز القيادة والتجمعات ومعسكرات القاعدة ، وكان هذا الدور فعّال في سبيل أن تنجح قواتنا على الأرض.
– في عملية التحرير، هل قبضتم على رؤوس كبيرة من القاعدة أو قضيتم عليهم؟
البحسني: نعم في هذه المعركة سقطوا قياديين كبار من تنظيم القاعدة، وقد واجهنا الكثير منهم في بعض المواقع كمعركة معسكر الأدواس وأيضاً في العيون والمعدي والضبة وفي ضواحي المكلا وتمكنا من تجاوزها بنجاح لأن الروح المعنوية كانت عالية جداً.
– ما الصعوبات التي واجهة عملكم العسكري؟
البحسني: بناء المنطقة العسكرية الثانية كان من الأعمال الكبيرة التي تم إنجازها، فعندما دخلنا قيادة المنطقة وجدنا المباني كلها مدمرة، بفعل الإرهابيين الذين فجروها، فلم نجد حتى المكان الذي ننام فيه ، كنا ننام في الجبال حول هذه المنطقة .
كانت صعوبات كبيرة، لكن الروح المعنوية كانت عالية جداً بالنسبة للضباط والجنود، وتم العمل بشكل متسارع بقيادة المنطقة وحالياً تم إعادة الأوضاع إلى أفضل من السابق، وتمت إضافة بعض من المرافق الأساسية الواجب توفرها في قيادة المنطقة.
– ذكرى التحرير على الأبواب في عامها الرابع، كيف تستعدون للاحتفال في ظل الظروف الحالية ؟
البحسني: نستقبل هذا العام الذكرى الرابعة للتحرير بإنجازات كبيرة جداً على مستوى الإعداد للقوات ومستوى تدريبهم العالي، وقد اكتسب الأفراد خبرة كبيرة في التدريب، وبالتالي نحن مسرورين جداً بالمستوى الذي وصلنا اليه، فاليوم قيادة المنطقة العسكرية الثانية والنخبة الحضرمية منتشرة في كل أرجاء حضرموت، وستصل الى كل مكان يشكل تهديد لأمن واستقرار حضرموت .
اليوم نحن نحتفي بالذكرى الرابعة في ظروف استثنائية والعالم كله يواجه صعوبة في مواجهة عدو آخر خفي وهو فيروس كورونا، ولذلك الاحتفالات ستقتصر على الخطابات الرسمية والتهاني والتبريكات والنجاحات التي حققها الجنود وصف ضباط والضباط في الميدان.
فقد كنت، مؤخرا، في زيارة ميدانية للواء شبام في مديرية دوعن، حيث ألتقيت بالجنود المقاتلين وشعرت بأنهم جاهزين لتنفيذ أي مهمة لهم ، فعندما تكون القوة جاهزة فهذه هي أفضل هدية يقدمونها في هذه المناسبة ، ولن يكون هناك احتفال في هذا الوضع.
– ماذا عن خططكم القادمة بشأن الحد من الانفلات الأمني في وادي حضرموت؟
البحسني: بدون شك وادي حضرموت يحظى باهتمامنا من وقت لآخر، ونحن نقيّم الوضع هناك ومتابعين ذلك الأمر مع التحالف وقد كنت في السابق قد اجتمعت في مطار سيئون بالقادة العسكريين والسلطة المحلية، وأخذنا إجراءات ونأمل أن تكون هذه الإجراءات كفيلة بأن تحقق تقدم في الملف الأمني وسنتابع هذا الملف مع قيادة التحالف، وندعو دول التحالف بأن تدعمنا بشكل واسع وصريح من أجل استتباب الأمن بالوادي.
– السيد القائد، ما أنجح عملية عسكرية بالنسبة لكم؟
البحسني: كثير عمليات كانت ناجحة بالنسبة لي ولا أستطيع أن أحدد عملية واحدة، لكن أقول أن أنجح عملية عسكرية هي تحرير ساحل حضرموت بعدها جاءت عملية تحرير وادي المسيني فكانت عملية صعبة جداً وتمت بنجاح كبير وتم الانتشار في المرتفعات في مديرية دوعن وفي قارة الفرس، فأعتقد هذه من أبرز العمليات التي قمنا بها خلال هذه الفترة.
– هل قصدتم تحرير المكلا في شهر إبريل بالتحديد؟
البحسني: نحن لم نختار أبريل، وكـنُا نريد أن نحرر المكلا قبل ذلك، لكن كان مستوى التحضيرات والتجهيزات والتدريبات للناس صادفت بأن تكون في شهر إبريل.
– بصفتك المؤسس والقائد، كيف ترون المنطقة العسكرية الثانية اليوم؟
البحسني: أرى المنطقة العسكرية الثانية اليوم جدا ممتازة ورائعة، وكل المسؤولين على مستوى الرئيس ورئاسة الوزراء والوزراء الذين زاروا المنطقة وتعرفوا على النجاحات التي حققتها وكل من يزور حضرموت يجد هذه القوة محترمة ومنضبطة ومنظمة ولديها إخلاق عالية وفهم للمهمة العسكرية، والجميع يثني على جنودنا وعلى احترامهم وانضباطهم وهذا يعتبر نجاح كبير بالنسبة لنا نعتز ونفتخر به.
– كيف هو تعاملكم مع ملف الشهداء والجرحى، وما صحة مايُثار حول الاستقطاعات من رواتبهم؟
البحسني: بالنسبة للشهداء نحن نعطيهم أولوية غير عادية، فمرتباتهم يتم استلامها بانتظام، أضف الى ذلك تكريمهم في المناسبات وخلال الذكرى الرابعة هذا العام سيتم تكريم مجموعة كبيرة منهم، إضافة إلى ذلك أبناء الشهداء ممن تنطبق عليهم الشروط، بإمكانهم أن ينضموا ويلتحقوا بكلية الشرطة، فاهتمامنا غير عادي بالشهداء وأسر الشهداء.
ولاصحة عن مايُثار حول الاستقطاعات، فنحن لا نعمل على الاستقطاع من الجنود في الخدمة فكيف نستقطع على أسرة الشهيد.
– في هذه الذكرى، بالأسماء من هي القيادات التي تستذكرها؟
البحسني: طبعا في هذه الذكرى العظيمة، أود أن أذكر الكثير من القيادات، منهم قادة المحاور وهي ثلاثة محاور، والثلاثة الألوية التي تمت المهاجمة منها، والذين هاجموا واشتركوا في يوم التحرير، وهناك قادة أبلو بلاءً حسناً في معارك لاحقة أثناء معركة وادي المسيني وأثناء الانتشار في دوعن والانتشار في قارة الفرس وكثير أيضا من القادة ومن الجنود اثبتوا شجاعتهم ،واظهروا شجاعة غير عادية وثبتوا واستشهدوا في مواقع الشرف ، هؤلاء الناس الذين يجب أن نذكرهم دائماً في كل مناسبة.
– ما الفارق في جيش النخبة من العام 2016م الى العام 2020م ؟
البحسني: هناك فارق كبير، فالشباب الحضارم الذين يتمتعون بالتعليم العالي واللياقة البدنية والشجاعة كانوا في السابق يقصون من المؤسسات العسكرية والمدنية ولايتم استيعاب إلا العدد القليل منهم ، لكن اليوم نرى القوة في حدود 30 ألف من الشباب الحضرمي والشيء المميز في هذه القوة هو مستوى تعليمهم العالي ، فهناك نسبة كبيرة من الجامعيين ونسبة كبيرة أيضا من خريجي المرحلة الثانوية ، لذلك فان مستوى جاهزية القوة والقدرة على العمل العسكري كبيرة جداً وتختلف عن الماضي.
– رسالتكم في ذكرى التحرير للجيش والمواطن؟
البحسني: هذه ذكرى عزيزة على حضرموت، ويجب أن نحتفي بها كل عام، وأهم منجز في هذه الذكرى الذي لابد نحتفل به هو أننا خلقنا مؤسسات أمنية وعسكرية ، وهذا الشي سيبقى رصيد لحضرموت وللوطن بشكل عام ولذلك يجب أن لانفرّط في هذه المؤسسات الأمنية والعسكرية ويجب أن نقف معها ، ورسالتي للمواطنين عليكم أن تكونوا دائما ملتفين حول مؤسساتكم الأمنية والعسكرية، فالثبات والصمود هو عنوان المرحلة القادمة ، واعتقد أننا أسسنا بأسس صحيحة وبإذن الله يستمر هذا البناء ويتطور في المستقبل أيضاً.
– في ختام هذا اللقاء الشيق، هل لكم من كلمة أخيرة؟
البحسني: أود أن أتقدم في هذه المناسبة العظيمة إلى كل مواطن في حضرموت وكل جندي وكل صف ضباط أتقدم لهم بالتهاني في هذه المناسبة وهي مناسبة عزيزة للجميع، وأتمنى أن تأتي الذكرى الخامسة ونحن في وضع أفضل سواء من حيث الجاهزية والتدريب والانضباط هذا هو أملنا وهدفنا بإستمرار .