في السنوات الماضية شهدت عدد من مناطق اليمن والخليج تنظيم مهرجانات سياحية ثقافية تجارية تسويقية تذكرنا بالأسواق العربية القديمة التي تبرز فيها ما استجد من السلع والصناعات المحلية إلى جانب بروز المواهب الإبداعية في الشعر والخطابة والصلح بين القبائل .
وقد غدت هذه المهرجانات ظاهرة تستحق الانتباه والإعجاب كونها عمقت الشعور بواحدية المنطقة وتداخلاتها الاجتماعية والاقتصادية والروحية وتطور علاقاتها على المستوى المحلي والخارجي .. بل وأخذت تقترب من تحويل هذه المهرجانات إلى مصدر من مصادر الثروة القومية من خلال جلب السائح وتطوير أساليب السياحة على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي من خلال إعداد البرامج الترويجية للمزايا الجغرافية والاقتصادية والتاريخية والأثرية والفنية والثقافية والعادات والتقاليد.
من أشهر المهرجانات في المنطقة مهرجان الجنادرية بالمملكة العربية السعودية . وفي الإمارات العربية المتحدة مهرجان دبي وفي عمان مهرجاني مسقط و خريف صلالة وفي اليمن مهرجان البلدة بالمكلا ومهرجان صيف صنعاء ومهرجان إب ومهرجان ليالي عدن .
في هذا السياق تعيش مدينة المكلا هذه الأيام أوج بهجتها وهي تحتفي بمهرجان البلدة الذي ينظم من الخامس عشر من شهر يوليو بحلول نجم البلدة الذي يبرد فيه البحر العربي بما يقدمه من فوائد جمة للمغتسل إلى بداية شهر أغسطس .
وكم هو جميل الشعار الذي يحمله المهرجان ( البلدة للجميع ، بعد المكلا شاق ، المكلا سيدة العشاق ) .
إنك وأنت تشاهد الشواطئ ملأى بالمغتسلين في بحر العرب للتخلص من أدران ونتوءات عاماً بحاله والتخلص من مرض الروماتيزم إلى جانب إراحة النفس . وكم تشعر بالارتياح وأنت تغتسل في الصباح الباكر بين صخور (خلف) والرمال البلورية في شاطئ فوة والروينة .. التي لا تغادرها إلا وقد تشبع جسمك بالذرات المشبعة بالملوحة والماء الصقيع . لتعرض نفسك لأشعة الشمس وأنت تقتعد الشاطئ لتناول القهوة الحضرمية الممزوجة بالزنجبيل مع حبات ( الرطب الحجري والزجاج والمديني والمجراف ) .
ويهل المساء لتجول في الأسواق وتشاهد الفنون والثقافة والألعاب الرياضية والسيرك إلى أن ينتهي اليوم لتجدده في اليوم التالي ليستمر هذا الحال إلى آخر النجم .
إن أهمية مهرجان البلدة لا تكمن في النواحي السياحية والتجارية والفنية وحسب بل تكمن أيضاً في فائدتها العلاجية والترويحية والثقافية وكل عام ومهرجان البلدة في تطور .