في وداع عام التحولات
نهاية عام استثنائي يضع فيها معظم اليمنيين أيديهم على قلوبهم إزاء
المعطيات التي يزخر بها الشارع اليمني بامتداد الرقعة الجغرافية لليمن، ليس
خوفاً من فعل التحول الذي صار لزاماً أن يسلكه اليمنيون ولكن خوفاً من
الأعراض الاستنزافية التي يمكن أن تصاحب هذا التحول، خاصة إذا خرجت عن
سياقاتها المتوقعة والمعقولة إلى تجلياتها التدميرية.
نهاية عام استثنائي يضع فيها معظم اليمنيين أيديهم على قلوبهم إزاء المعطيات التي يزخر بها الشارع اليمني بامتداد الرقعة الجغرافية لليمن، ليس خوفاً من فعل التحول الذي صار لزاماً أن يسلكه اليمنيون ولكن خوفاً من الأعراض الاستنزافية التي يمكن أن تصاحب هذا التحول، خاصة إذا خرجت عن سياقاتها المتوقعة والمعقولة إلى تجلياتها التدميرية.
إن ما تشهده اليمن اليوم من معترك سياسي ثوري وحقوقي وحراك اجتماعي وفكري حتى في أكثره غلواً وتطرفاً بلا شك يضع الحكومة التوافقية أمام مسؤولية وطنية كبيرة في معالجة المشاكل التي تثار في إطار الإجماع الوطني والشراكة السياسية بعيداُ عن أية ظواهر قد تسبب شللاً للحياة العامة وتزيد من معاناة المواطنين.
ولا يختلف اثنان على أن هذه المرحلة من أخطر المراحل التي تمر بها اليمن منذ ستينيات القرن الماضي، مثلها مثل غيرها من الدول العربية التي تعيش اليوم منعطف التحول السياسي والاجتماعي، مع فارق التعقيدات الجمة التي تنفرد بها اليمن عن غيرها سواء على صعيد المعطى السياسي والحزبي أو التركيبة الاجتماعية، إضافة إلى عديد من المشكلات ذات العلاقة بدرجات الوعي المدني والرسوخ المؤسسي. وكل ذلك بالتأكيد سيلقي بتبعاته على مسار العملية السياسية، مما يجعل النخب التي تقود التحول اليوم أمام مسؤولية أخلاقية قيمية ينبغي لها أن تنعكس على حركة الشارع لتتحكم به وتوجهه وتتفاعل معه.
وفي كل الأحوال فإن مصداقية الحكومة يجب أن يترجمها أداؤها في الأيام المقبلة سواء على صعيد الخدمات الضرورية أو الحاجيات المتعلقة بحياة المواطن البسيط، وقبل ذلك سيطرتها على الجانب الأمني وعدم السماح بأي ثنائيات متناقضة قد تعيق قراراتها، لأن أي تراكمات من هذا النوع قد تتفاقم وتؤدي في الأخير إلى إحباط انسيابية الفعل التحولي الذي يريد له الجميع أن يتحقق وفقاً لعملية إجرائية آمنة وسليمة ضمنتها خارطة المبادرة الخليجية وآلياتها.
إذن هي نهاية عام ربما كان مفصلياً في تاريخ اليمن المعاصر والمنطقة برمتها، وهي بداية عام جديد يضع رحاله على بوابة الحكومة اليمنية الوفاقية محملاً بالكثير مما ينشده اليمنيون، كما قد يكون مخفياً في طياته الكثير أيضاً من المنغصات التي قد تفاجئ العملية السياسية بغير ما هو متوقع.
لهذا نقول إن كل القوى التي ترص صفوفها اليوم على بوابة التغيير المنشود متساوية في المسؤولية أمام محك التاريخ، فإما أن تنتصر لليمن ليبدأ أبناؤه تسطير صفحة جديدة في كتاب مستقبلهم المنشود وإما أن تعيق فعل التحول لتعيد إنتاج الماضي في لبوس جديد وهو ما يتنافى مع كل التضحيات التي بذلها- ولا يزال - جيل جديد لن يساوم أبداً أو يرضخ لأي تحول يعيده إلى النقطة التي شب عن طوقها العتيق.