في موقع " عادية الغرف " الأثري بسيئون .. حسين العيدروس: كشفنا تحصينات دفاعية وتماثيل مجنحة بتصاميم فنية مدهشة
3/16/2006 12:00:00 AM- موقع المحافظة/سبأنت

سيئون – حوار : عبد الباسط باصويطين
منذ العام 1981م ، وأعمال الحفريات والتنقيبات الاثارية المتواصلة في موقع "عادية الغُرف الأثري

سيئون – حوار : عبد الباسط باصويطين
منذ العام 1981م ، وأعمال الحفريات والتنقيبات الاثارية المتواصلة في موقع "عادية الغُرف الأثري" بمديرية تريم محافظة حضرموت ، تفتح أفاقا معرفية أوسع أمام الباحثين والمهتمين حول تاريخ حضرموت الموغل في أعماق الحضارة الإنسانية، وتكشف الكثير من الأسرار والتفاصيل التي ميزت أنماط الحياة المختلفة للأقوام الأولى التي استوطنت هذا الجزء من الأرض في مرحلة ما قبل الإسلام ..
ولتسليط المزيد من الضوء حول أهم نتائج هذه المكتشفات ، التقت وكالة الإنباء اليمنية (سبأ) بالأخ / حسين العيدروس - مدير الاثار بمكتب فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف بوادي حضرموت والصحراء، والذي سألناه بداية عن الأهمية الأثرية والسياحية لموقع عادية الغرف الأثري فقال : - موقع "عادية الغرف الأثري" رغم صغره ، إلا انه يكتسب أهميته وقيمة ألأثرية والسياحية الكبيرة من كونه يقع عند ملتقى أهم أودية وادي حضرموت (واديي سر وعِدِم )، وإلى انتماءه لمرحلة ما قبل الإسلام وتحديداً إلى حوالي القرن الأول الميلادي.. كما أن الموقع سبق وأن اكتشفت فيه العديد من القطع الأثرية والقطع الرائعة ، التي زود بها متحف سيؤن الأثري ، وتصدرت غالبيتها صالات العرض المتحفي فيه ، كما نال الكثير منها شرف المشاركة في رحلة التعريف باليمن على مدى أكثر من عشر سنوات تقريبا ، ضمن معرض اليمن الأثري المتنقل الذي جاب الكثير من العواصم الغربية وأنحاء أوروبا .
ماذا تحدثنا عن بدايات أعمال التنقيب في هذا الموقع ؟
- حظي الموقع بأول اعمال تنقيبات علمية في العام 1981م من قبل فريق وطني متخصص ، وكانت من بين أهم النتائج ، الكشف عن معلومات ربطت حلقات التاريخ ببعضها البعض ومكنت علماء الآثار من التعرف على ملامح الطابع المعماري لتلك المرحلة حيث أظهرت التنقيبات نمطا معماريا ظهر فيما بعد في مواقع مشابهة مثل ريبون بوادي دوعن وكذا في موقع مشغة في وادي عدم إضافة إلى مقارنته بنمط العمارة في شبوة العاصمة الحضرمية الأولى ، ويظهر معنا اليوم كذلك في جانب من معمار معبد أوام في مارب ، كما ظهرت لوحات حجرية منحوته تظهر طابع الفن الأصيل وتظهر التمازج مع الفن الأسطوري والعلاقات مع اليونان والرومان ولو بطريقة غير مباشرة وربما عبر بعض الموانئ اليمنية .

ماهي مزايا هذه البنى؟
- تم تشييد المباني في الموقع بالطوب اللبن النيئ ( المدر) فوق أسسات حجرية متوسطة وغير مهذبة غالباً ( ما عدى السور الخارجي الذي تم كشفه مؤخراً) ، كما يتميز البناء بتقنية الهيكل الخشبي الذي يتم إعداده قبل عملية البناء وهو أشبه بالقضبان الحديدية عند عمل الخرسانات الاسمنتية في الوقت الحاضر، وهي تقنية ليست بجديدة في المواقع الأثرية ، ولكنها وجدت في مواقع مثل ريبون ومشغة ، وشبوة العاصمة الحضرمية الأولى إضافة إلى مرحلة من المراحل المتأخرة في معبد اوام بمارب، إضافة إلى ذلك فان ثمة أنماط أخرى للبناء قد بدأت تظهر في الطبقات السفلى من موقع الغرف في مناطق التنقيب الأخيرة تختلف عن النمط الأول الذي تم الكشف عنه في حفريات عام 1981م ، والفرق بينهما أن النمط الذي كشف عنه مؤخرا لم تستخدم فيه الهياكل الخشبية ، وليس محروقاً ، بينما الأول بعضه محروق وبعضه بالهياكل وغير محروق ، كما أن الميزة المشتركة هي وجود آثار طبعات أصابع اليد على معظم قطع الطوب اللبن غير المحروقة .

ما أهم ما يميز أعمال هذا الموسم وما هي مكتشفاته؟
- أهم ما يميز الموقع في هذا الموسم ، هو الكشف عن السور الخارجي للموقع وهو ما يعطي أهمية خاصة له ويجعله في مصاف مواقع أثرية يمنية تمتاز بوجود تحصينات خارجية دفاعية تحمي المكان من أي هجمات أو سطو ، وهذا السور توجد به انكسارات متقدمة إلى الخارج تشبه الأبراج على مسافات تزيد عن عشرة أمتار حتى تعطيه قوة وتحميه من الوقوع.
وقد تم توضيح اثنين منه في هذا الموسم في الجدار الغربي بعد تنظيف مسافة تصل إلى 25 متراُ، السور الخارجي مبني من الحجارة في أغلب مواضعه ويصل أقصى ارتفاع له تقريباً في الجهة الشمالية الغربية إلى أكثر من ثلاثة أمتار ، أما سمك السور فيصل إلى نحو متر ونصف تقريباً وتكون الجهة الداخلية له مبنية من المدر وفي الوسط بين المدر من الداخل والحجارة في الخارج يوجد دبش مكون من الحجارة الموضوعة بشكل غير منتظم وبعض كتل من المدر .
أما من الداخل فقد كشفت التنقيبات الأخيرة عن وجود بعض الغرف المتصلة بالسور من الداخل باتجاه الشرق أكبرها 4.20 × 2 متراً ، وأصغرها 1.94× 2.10 متراً،إضافة إلى ممرات ضيقة وسلم.
كما تظهر في الأرضية بعض الغرف وآثار الرصف بالمدر وبعضهامطروقً بالنورة الممزوجة بالرمل ( القضاض) كما هو الحال في الغرفة الصغيرة التي ربما تكون أعدت ليستخدم فيها الماء كمطبخ أو ما شابه .
وعثرنا بها على جزء من إناء فخاري ذي قاعدة كما تم العثور على فتات قليل من اللبان الذي يستخدم كبخور ( العلك) .
ومن اللقى الأثرية المميزة أيضاً إلى جانب الكسر الفخارية تلك القطع البرونزية، وأهمها تمثال صغير لبقرة حجمه 3×3 سم، وتمثال مجوف لامرأة مجنحة تظهر من خلاله تفاصيل الوجه والشعر المتدلي على ألكتفين ويبرز الصدر واضحاً أسفل القطعة وهو طابع فني له صلة باليونان والرومان، وهو ما يفسر وجود صلات وعلاقات متينة كانت تربط الحضارة اليمنية القديمة بالحضارات الانسانية القديمة بفعل الاهمية التجارية والاقتصادية القديمة التي احتلتها اليمن في ذلك الوقت .
هل يمكن ان تعطونا تصورا عن تخطيط الموقع؟ - الواقع أنه من المبكر جدا أن نتكهن بتخطيط الموقع أو التعرف على صورة الموقع بشكل عام إلا بعد التوسع في الحفريا ت في المواسم القادمة والتي ستكشف عن المزيدمن المعلومات الهامة بلا شك.