حول سيئون نكهة العلم والحضارة
السبت: 21 يناير 2017- سيئون/ موقع محافظة حضرموت/ بقلم عبدالكريم بن عمر الخطيب
تماسك الحروف العربية وانتصابها ،وعظمة الانامل التي ترسم الوانها ،وحسن العقول النيرة التي تحبر عباراتها ،كل ذلك يدل على قوة وشموخ اللغة العربية (لغة اهل الجنة) لذا تمعن النظر في العبارة الواحدة يعطيك من المعاني الشي الكثير

 فالحول كلمة تطلق على العام إذا انقضى فيقال حال الحول ، وتفردت هنا هذه الكلمة في حضرموت بالذكريات الجميلة ، وخاصة ما كان منها في اجلال العلماء ، أو ذكريات الصلحاء ، فيقال حول العالم الفلاني ، أو حول الزاهد الشهير

والمقصود هنا زيارته والترحم عليه ، والتذكر بما كان له من أمجاد تشحث الهمم في احفاده ومحبيه للسير على منواله ، خاصة قراءة التراجم والتي تنقلك مباشرة الى الشخصية قلبا وقالبا ثم يستغل الدعاة الأمجاد التفاف الجمع من الزوار للدعوة إلى الله ، وربط الجمع بخالقهم ، وذلك من باب قوله تعالى( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)


 واهتمام أهل الوادي الحضرمي بالأحوال يرجع إلى عرض قطرة من بحر الانجاز العلمي الذي لازال شعابه تسكب ولازالت تربته المنتعشة تؤتى ثمارها

ايضا يرجع ذلك معنى تلكم الجلسات العامرة التي تخلل الأحوال المذكورة ، والتي يمتزج العلم فيها بشيء من الشوق والنكهات الفريدة التي لا يدركها إلا من ذاقها ، فا لروحانيات  مجالات متعددة ، ولا يعرف قدرها إلا صاحب الذوق الرفيع ، كما إنه لا يعرف العشق إلا كل من ذاقه

وقديما كان الفقهاء يتبارون فيها لحل المشكلات العويصة ، وبالاجتماعات تلك ، يحل الإشكال ، وكذلك الأدباء والشعراء لهم اليد الطولاء في ذلكم المضمار ، وقائمتهم قائمة إلى الان وان كانت بالحميني

وتأتي الألعاب الشعبية لتجسد مدى اتساع الزخم السلوي ، الذي يتمتع به الوادي وينصب الجميع في قالب متين من الأخوة والمعاونة ، والتلاحم الاجتماعي الذي لا زال الدرع الواقي للمجتمعات الحضرمية ، من خروقات الغرباء والاعداء

وحول سيئون والذي ترتب فيه وخصيصا زيارة الامام العلامة الكبير الحبيب (علي بن محمد الحبشي) هو احد تلكم الأحوال في الوادي ، وهو نكهة من تلكم النسمات الدينية الحضرمية ، تنعم به سيئون على غيرها ، وتلتفت الأنظار إليها بحلول شهر ربيع الثاني وقديما قال الحبيب علي الحبشي (سيئون ذا  لي وقع لش ما وقع للبلد )

الإمام الجليل علي بن محمد الحبشي ، الذي ولد بقرية قسم عام 1259هـ  ، كان من الرجال الأفذاذ ومن لا يشق له غبار ولا تجهل لهم اثار ومن نتائج المجتمع الحضرمي ، استقر بسيئون حدود عام 1271هـ ثم في عام 1295هـ بنى مسجده المعروف بالرياض ، ملاصقا لرباطه العلمي الشهير الذي يعد من اقدم الاربطة بحضرموت

فذكرى عظيمة ، وزيارة كريمة ، وتراث مجسد ومفعم بالحب والتقدير،  على أسس الشرع الشريف ، وحول كامن بالخير ،في حضرموت الخير والمعرفة .