لا خوف على حضرموت
الثلاثاء 13/أكتوبر/2015- المكلا/موقع محافظة حضرموت/صلاح مبارك
لم أتمالك نفسي وأنا أغوص عصر هذا اليوم بين الحشود الجامعة لأهل وشباب حضرموت ففاضت عيوني بالدمع وأمثالي كثيرون لم يحبسوا دموعهم في أعينهم ففاضت مهابة لذلك المشهد العظيم الذي جسده جمع غفير من أبناء حضرموت الشجعان ذكوراً واناثاً شباباً وشيوخاً من مختلف الأعمار وشرائح  المجتمع .


جاءوا ملبين لدعوة وجهتها منظمات المجتمع المدني والنقابات بساحل حضرموت والمشاركة في الفعالية الاحتجاجية الجماهيرية السلمية لإنقاذ حضرموت من ما آلت إليه من وضع مزري , محبط , بأس , مخيف مس كل تفاصيل ومناحي الحياة أمناً ومعيشية واستقراراً وخدمات ليقولوا : نحن أهل حق وسلام وليس دعاة قتل وفتنة .
ولهذا فقد كانت الاستجابة للفعالية السلمية "العفوية"واسعة ودالة على حجم الخطوب التي تداهم حضرموت "حالياً" والحرص على مستقبلها ورفض الضيم والهيمنة عنها والكف عن العبث بمقدراتها ووقف الفوضى والإرهاب وعودة الحياة الكريمة إليها وإيصال رسالة للمتسلطين "الجدد" إلى هنا "كفاية" لقد بلغ الحال العلقم والذي يزرع "العلقم" لا يحصد إلا المرارة ..فلم يحرك تلك الجموع الغفيرة وينزلها إلى الشارع للتظاهر علناً في فعالية سلمية مدنية وحضارية - رغم استفزازات الأطقم "المليشاوية"والتهديدات بالمنع والقمع التي لوح بها المبرقعون في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي – حزباً ولا قبيلة ولا مجلساً بل حركها معاناتها وضيمها وقهرها من الواقع "اللئيم" ومخاوفها من القادم "المجهول"! إذ وجدت في دعوة منظمات المجتمع المدنية صدى  وتلبية لهدف واحد هو  "إنقاذ حضرموت" .
لقد دفعت حضرموت غالياً ولا زالت تدفع ، ثمناً لمدنيتها وعقاب لاعتدالها والمطالبة باسترداد حقها في العدالة والمساواة والكرامة والأمن والسلام , دون أن تقترف ذنباً ولم تكن طرفاً في صراع عبثي لا يعلم المرء يتمدد إلى أين!  وإلى أين سينتهي؟.
قرابة سبعة أشهر من انهيار منظومة الدولة المدنية والعسكرية عاشت حضرموت ما لم يك في الحسبان من الهوان والفوضى والضياع , وانتشار كل الأمراض و"البلاوي" من "سمسرة" و"سوق سوداء" وتلاعب وانفلات "مفضوح" فيما أصيبت الحياة العامة بالركود والتدمير الشامل والموت السريري للعمل المؤسسى والنظامي , ومن هذا الحال -  تحديداً - تضرر الإنسان الحضرمي بصورة مباشرة ومست حياته معيشة واستقرارا , فمعظم المؤسسات والمكاتب الحكومية معطلة "إلى اليومِ" , وتحول الموظف الحكومي إلى "شاقي" للهلث وراء معاشه الشهري , وكذلك المتقاعدون , أما العاملون في مرافق ومؤسسات القطاع الخاص فقد سرح "معظمهم" من أعمالهم بعد أن أصبحت هذه المرافق "مفلسة" و"عاجزة" عن الإيفاء بمتطلبات التشغيل ليجتر المسرحون الحسرة والندامة والفاقة والانكسار أمام أسرهم وأولادهم ..
وأمام هذا الواقع "المرير" تجاهلت الحكومة الشرعية وغضت طرف نظرها عن ماسأة حضرموت التي تمثل ثلث البلاد مساحة وما يجري فيها, ولم تسعفها أو تقف إلى جانبها حتى للتخفيف من وطأة المعيشة القاسية وشدة الصدمة الموجعة على أهلها , وانتشال أوضاع الخدمات واستمرارها ولم تقم بواجبها ومسؤولياتها ولو في الشق الإنساني والإعلامي عدا جهود تكاد لا تذكر أمام محاولات "جبارة" وسعي "مكافح" لمحافظ حضرموت وأمين عام المجلس المحلي مع كل الخيرين الصادقين في تأمين جزء من الاحتياجات العاجلة والاستثنائية لخدمات الكهرباء والمياه والصحة والبيئة ومرتبات الموظفين .
نعود ونقول :
حضرموت بخير في أهلها وناسها الطيبين الذين لا يعرفون لغة الغدر والخسة والنذالة .. نعم حضرموت بخير برجالاتها الأفذاذ ومدنيتها المتجذرة وارثها المتجدد وتاريخها الناصع وحضارتها العظيمة , ولأنها كذلك سوف تظل محروسة من كل بغي وعدوان , محمية من كل وباء وشر .. فلا خوف علىها..
إنها حضرموت..
يها السادة
صوت أخير
يقول الشاعر سعيد باحريز :
يا الحيد بانغلقك لاجبنا المزاحي والقلم
باتطرح القادي وبايصبح ذراعك بنتين
التمر حبه والحشف نقضمه واعبر عالعجم
تشرق عليّ الشمس ما ندري بها تشرق منين