صحافة الفيس و الواتس!
السبت 13/ديسمبر/2014- المكلا/موقع محافظة حضرموت/صلاح مبارك
من الطرائف أنني يوماً كنت أهاتف شخصية ثقافية لها أثرها في المجتمع؛ وما أن خلصت من مكالمته حتى فوجئت بخبر موته منشوراً في صفحة زميل إعلامي من الشباب المجتهدين والمتحمّسين في موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» وفي خانة التعليقات سيل من التعازي وعبارات الأسى والحزن والخسران برحيل تلك القامة الثقافية، فتداخلت وبيّنت لذلك الشاب أن الذي ينعاه حيٌ يُرزق، طالباً منه حذف ذلك المنشور السيئ..!!.

قبل أيام اشتعلت صفحات التواصل الاجتماعي «الفيس بوك والواتس آب» بخبر مقتل الفنان الكوميدي عبدالله بلقرع الشهير بـ «زبيو» فانتفض معجبوه من هول المصيبة بين مصدّق ومكذب، وتحوّل منزله ليلة الشائعة «اللئيمة» إلى مزار لاستقبال المحبّين, كما انتقل الإعلامي الشاب زكريا بابعير وفريق برنامج «بوحضرم تواصل» إلى مدينة الشحر لتسجيل فيديو يفنّد شائعة اغتيال «زبيو» وبث رسائل تطمين إلى محبيه, وسبقهم إلى ذلك الإعلامي الشاب النشط عمر عرم إلى بثّ فيديو عبر صفحة «العصرية» في «اليوتيوب والفيس بوك» ظهر فيه الفنان «زبيو» وهو يتحدّث بالهاتف قائلاً في غاية الظرافة: «قتلوني وأنا أتعشى..!! ».
ولم تقتصر صفحات «الفيس بوك والواتس آب» على شائعات الموت فحسب؛ بل امتدت إلى انتحال الهويّات وتزوير المعلومات ونشر التلفيقات والترويج للخزعبلات وبوق للتضليل والتشاحن وتصفية الحسابات مع الخصوم الافتراضيين, لتشمل السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع, وأصبحت ملاذاً للناقمين والشاتمين والملفقين؛ بدلاً عن المدوّنيين الذين ينشرون المعرفة ويتبادلون الرأي.
فهذا هو الشاعر عبدالله مبارك الجعيدي يتفاجأ في مواقع التواصل الاجتماعي بانتشار قصيدته التي تحمل عنوان «حسبته خوي» ونسبها إلى الشاعر الغنائي الكبير الراحل حسين أبوبكر المحضار, وهي الأغنية التي لحّنها وتغنّى بها الفنان رمزي محمد كما تغنى بها أيضاً فنانون آخرون مما حدا به إلى أن ينشر تنويهاً واجباً, وأثق أن «الجعيدي» وغيره من الشعراء سوف يطول بهم الوقوف في باب التنويهات أمام هذا الزيف والاضمحلال العام.
ولكن الذي يؤسف له أن البعض من صحافيي وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية - ليس المحلّية فحسب بل حتى الخارجية - أصبح تستهويهم صفحات «الفيس والواتس» للحصول على المعلومات؛ بل بعضهم يجعلها مصدراً لهم بما فيها من غثٍّ وبهتان، وهنا تكمن المصيبة الحقيقية..!!.