أكتب هذا المقال على كره مني ، ذلك أن ما سأكتبه غيض من فيض، كما جاء
نتاجاً طبيعياً لما حدث ويحدث من تطورات دراماتيكية في موقع من أهم المواقع
التي لها مكانة في قلبي ، بما له أثر في قلوب الكبار والصغار الذين بمجرد
أن يسمعوا إذاعة سيئون تذوب قلوبهم عشقا .
ولعل لسان حال المستمعين والمتابعين لإذاعة سيئون .. يقول :
( أيها المبدعون .. يا من ضحيتم بجهدكم .. وعانيتم الأمرين في سبيل تشييد هذا الصرح الكبير طوبة وراء طوبة .. أنتم الأحق بإذاعتكم .. وأنتم من يجب أن تتحدثوا بلسانها.. حافظوا عليها واحموها بحدقات عيونكم .).
تأسست إذاعة سيئون من متطوعين آثروا أن يمنحونها محبتهم وكأنها أمهم الرؤوم لا يستطيعون مفارقتها أبداً ..ها هم اليوم يرحلون عنها كراهة .. لا طوعاً .. منهم من رحل كمدا بعد يقينه بأن لا فائدة ترتجى من بقائه ، ومنهم من غادر الحياة وهو يمني نفسه بأن يرتقي شأنها كما كانت متألقة وأكثر ..ومن بقي فيها بدأ يشعر بالاغتراب وأن إحساسه هذا يقتله من الداخل بعد فراق أحبته الذين كانوا ( يردون الصوت عليه ) كما يقولون .
هؤلاء الزملاء سخروا أنفسهم لخدمة هذا المرفق بلا مقابل في مرحلة عصيبة لتثبيت مداميكه وإن تقاضوا شيئا بعد ذلك فإنهم يكتفون بمبالغ رمزية تكاد لا تذكر ، ومع ذلك كانوا قانعين بها ،هذه الكفاءات الإعلامية النادرة ، نالت الحظوة والمكانة بعطاءاتها ، حيث قدمت الكثير من البرامج الناجحة ..ها نحن اليوم نسمع بألم وحسرة بأنهم يكتوون بنار التجاهل والإبعاد عن مواقعهم ليس لسبب مقنع، بل لأنهم يطالبون بحقوقهم المهدورة .
ومن طريف ما سمعناه أن أحد معدي البرامج التي تحظى بشعبية واسعة .. ذهب إلى مكتب هذا المدير بعد اكتشاف عدم وجود اسمه ضمن الخارطة البرامجية ، عاجله المدير، قبل أن يلتقط أنفاسه .. بأن برنامجه استبعد من الدورة البرامجية لرمضان .. وعندما ناقشه معد البرنامج عن أسباب ذلك الاستبعاد .. رد عليه بعبارة واحدة فقط ( كلامك لا يعجبنا ) وكأن المزاج العام هو من يحدد ( جودة البرامج من عدمها ) وهذا يدلل بأن الأحكام تصدر بعيدا عن هيئة التحرير التي يجب أن يكون لها دور فاعل إذا ما طالها التهميش هي الأخرى ،ثم علينا أن نتساءل : لماذا لا يؤخذ رأي المدير العام للبرامج ؟ الذي عُرف عنه الدقة والموضوعية والنزاهة في مثل هذه القضايا ذات الارتباط بالمستمعين كونه من معدي البرامج الناجحة .. وعندما رد عليه معد البرامج في شكل تساؤل ( لم يعجبك أنت أو لم يعجب غيرك ) لاذ بالصمت ولم يرد ..
ورغم ذلك لم ييأس معد البرنامج من المحاولة ثانية اعتقادا منه بأن الموضوع ربما كان مصدره ( الزلط ) فأبدى استعداده بطرح فكرة إنتاج مسلسل رمضاني بدون أي حافز رغبة منه في إرضاء المستمعين .. وكتب في الحال محضر بالتنازل عن استحقاق المسلسل حتى لا يحرج المدير العام الذي ربما تحجج بعدم وجود مخصصات مالية .. وبالفعل وقع عليه ، ومع كل هذه المحاولات ، تم استبعاده من المسلسل ومن أي برامج أخرى .. ماذا نسمي هذا ؟؟ وهكذا فقدت إذاعة سيئون كفاءة نادرة ..ناهيك عن الكفاءات الأخرى التي أبعدت : أليس في هذا حيف وظلم واضح ؟
وهنا .. تنتصب أمامنا أسئلة كثيرة .. تجعلنا نقف حائرين في الظواهر الغريبة التي غزت مجتمعنا الحضرمي الأصيل .. ليتحول كل جميل إلى .....
أسئلة كثيرة تطرح نفسها بقوة .. والسؤال الأهم : أليس هذا أدعى إلى وقفة تستحق التأمل ؟ وبخاصة أن الكثير من الزملاء المبدعين يعانون الويلات مما حدث وسيحدث لاحقا .
إن انهيار صرح شامخ تأسس على سواعد شخصيات اعلامية هامة رفعوا اسمها في المشاركات العربية والدولية وحصدوا الجوائز نظير عطائهم الانساني ..يعد أمراً غير مقبول البتة ، لأن الإبعاد والتجاهل لما قدموه من أعمال حظيت بالقبول الشعبي العام ولاقت استحسانا لجهدها الذي قدره العامة والخاصة ، يذهب أدراج الرياح ..هو انهيار لكل ما هو جميل ورائع .. إذاعة سيئون لها أثرها ولا يمكننا أن نلوذ بالصمت تجاه تراجعها برامجيا .
وها نحن اليوم بدأنا نلمس خطوات هامة يقوم بها الأستاذ خالد سعيد الديني محافظ المحافظة ومعه السلطة المحلية بالمحافظة من خلال السياسات الحكيمة بمعالجة القضايا الشائكة .. و كذلك التعامل الإيجابي للتدوير الوظيفي وإحلال كفاءات ذات خبرة للقيام بدورها .. لهذا فنحن نشد على يديه ونقف إلى جانبه في هذا . ونأمل المزيد من الإجراءات التي ستمنحنا الأمل في الإصلاح العام .. لكافة الاختلالات التي نسمع عنها هنا وهناك .. متمنين التوفيق والنجاح للأخ المحافظ الشاب وبمعيته أعضاء السلطة المحلية بالمحافظة في مسعاهم هذا .
والله من وراء القصد .