على هامش معرض رداء الدولة ومكونات الهوية بالمكلا ..الدلالات المغايرة وهوية النشيد الوطني .. في أمسية ثقافية
30/3/2006-
موقع المحافظة/الثورة نت

المكلا/ عصام واصل
إن إعادة قراءة التاريخ وتفكيك ملامح الهوية واستقرائها العميق واجب وطني مقدس على جميع المختصين، وأروع منه أن تتجسد هذه الفكرة على الواقع ونلمسها في ما تقدمه مؤسسة برامج التنمية من أنشطة وأفكار وإن كانت لم تكتمل بعد، ولكن بإمكاننا أن نعتبرها خطوة أولى لخطوات قادمة ستأتي ربما أكثر نضجاً واكتمالاً.. في حين تسعى هذه المؤسسة الى جمع بعض المكونات للدول التي تعاقبت في اليمن، نجدها تسعى من جانب آخر الى اقامة الندوات الفكرية والثقافية لتجسد الهدف المنشود، وقد استضافت كل من الأخ/ نبيل حسن الفقيه - وزير السياحة، والشاعر/ أحمد ضيف الله العواضي - وكيل الهيئة العامة للكتاب، والعميد المناضل/ أحمد قرحش الذين قدموا مداخلاتهم الثقافية الرائعة. بداية الدلالة
وفي بداية الأمسية رحّبت الدكتورة/ رؤوفة حسن بجميع الحاضرين وقالت:
- لن آخذ من وقتكم كثيراً، وانما أدعو الأخ/ الوزير الى أن يبدأ مساهمته هذه الليلة ليتحدث حول (الدلالات المختلفة للمعرض الوطني لرداء الدولة ومكونات الهوية).
وفي مستهل مداخلته شكر الأخ وزير السياحة/ نبيل الفقيه للدكتورة/ رؤفة إحياء هذه الفعالية، ومن ثم عرض الى جملة من الملامح والدلالات السياحية للمعرض، وأشار الى أن هذه تظاهرة سياحية بدرجة أساسية بالنسبة له كون هناك علاقة وطيدة بين السياحة بمدلولها الحالي، وارتباطها الوثيق بالموروث الشعبي.
وأضاف أن التوجهات هي نحو التراث الشعبي وتوظيفه التوظيف الصحيح في القطاع السياحي، وأكد أن ذلك أحد التوجهات الأساسية التي يسعون من خلالها الى ربط القطاع السياحي بالموروث الشعبي.
التمرد على الطبقية
وأوضح أهمية المعرض السياحية وقال:
- اذا كانت ايديولوجية الملابس في اليمن لما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر قد ميّزت بين شرائح المجتمع اليمني وفئاته المختلفة، وتحكمت فيها العوامل المختلفة.. فإن التوحد بين أبناء الوطن في اليمن قد أزال كل تلك الفوارق حيث أصبح التنوّع في الملبس هو عنوان التمرد على كل ما يشير الى الطبقية، ولنا هنا كمهتمين بالحراك السياحي أن نشير الى أن التنوع بالموروث الشعبي هو مدخل لجذب العديد من المهتمين بالموروث الشعبي على مستوى العالم، ولعل التنوع بالملبس والمأكل واللهجة هو ما يجذب شريحة واسعة من السياح على مستوى العالم، والمعرض اليوم فيه تاريخ أمة وتاريخ شعب، تاريخ عريق متفرد ومتميز في كل شيء حتى في ملبس حكامه.. وهذا المعرض كما فهمت يعد الأول على مستوى الوطن العربي.
واستطرد قائلاً: واليوم وأنا أزور المعرض شدني شيء مهم قد يكون من وجهة نظري في بعض الطوابع البريدية وجدت أن هناك طوابعاً بريدية من عهد المملكة المتوكلية عليها صور لبابا الفاتيكان، وهذا يدل على أن اليمن انفتح على العالم وعلى غيره من الحضارات قد لا تكون بالصورة التي نراها اليوم، ولكنها تدلل على أن هناك انفتاحاً على الحضارات منذ الأزل.
دعوة الى التعدد
وفي سياق آخر قال:
- قد لا أميل الى الدعوة التي وجدتها في الكتاب التي طبعته المؤسسة وهي دعوة بعض المهتمين بالموروث الشعبي الى إيجاد ملبس شعبي موحد وإنما أميل الى إيجاد تفاعل بين التنوع الذي يجمع بين جمال المظهر وعراقة التراث.. وأكد بأن العالم قد أصبح قرية صغيرة فلم يعد الملبس يحدد الهوية بل أصبح الفكر والتطلع والعلم ومستوى ثقافة الشخص هما ما يميز ويحدد الهوية.
وقل في آخر مداخلته لي عميق الشكر والتقدير لكل العاملين في هذا المعرض، ولكل من أسهم ودعم وساند في إنجاح هذا المشروع الرائد.. ودعا جميع المهتمين الى رفد هذا المعرض والمؤسسة بالصور والوثائق التي تدفعه نحو النجاح حتى تكتمل الصورة. ووعد بأن الوزارة ستولي جل اهتمامها لمثل هذه المشروعات وسيتم تبني مثل هذا المعرض بصورة دائمة في محافظة مهمة، وهذا سيكون له مردوده الايجابي حتماً على السياحة وكل المهتمين بالقطاع السياحي.
النشيد الوطني
ومن ثم أفسح المجال للأستاذ/ أحمد ضيف الله العواضي لإلقاء مداخلته التي تحدث فيها عن النشيد الوطني في اليمن في عهده الجمهوري بشطريه وتحديداً من وجهة الشعر والى حد ما التاريخ والفن الموسيقي.
وأشار الى أنه قد خرج من غابة التعدد للنشيد الوطني بتخريجه استفادها من البردوني ومن كتابه «اليمن الجمهوري».
وقال حين قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في عام 2691م لم يكن موضوع السلام الوطني في قائمة الموضوعات التي تم الإعداد لها يمنياً، بل تم الاكتفاء بالنشيد العربي الذائع الصيت في ذلك الوقت والذي كان يلعلع من إذاعة صوت العرب وهو نشيد:
الله أكبر فوق كيد المعتدي
الله الله الله أكبر
ولم يستمر هذا النشيد الجاهز إلا لمدة يومين، وجاء بعد ذلك نشيد كتبه أحد الضباط الأحرار ولحنه وتم تداوله لفترة وجيزة لم تستمر أكثر من أسبوعين ولا يوجد نص محفوظ لهذا النشيد متاح للباحث اللهم بعض التسجيلات في ارشيف إذاعة صنعاء، وفي الفترة اللاحقة تم ابتداع سلام جمهوري موسيقي بدون نشيد وهو عبارة عن مزيج موسيقي من لحن «الله أكبر» ولحن «والله زمان يا سلاحي»، واستمر هذا اللحن يعرض في الشمال كسلام جمهوري لمدة أكثر من عشرين سنة.
غمــــــوض!!
وأضاف بالقول: وفي جنوب الوطن لم يكن واضحاً لدينا السلام الوطني لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، إلا أن معظم من سألنا هم يؤكدون أن هناك نص شعر للشاعر المعروف/ عبدالله هادي سُبيت أُعتمد كسلام وطني حتى تم اختيار نشيد «رددي أيتها الدنيا نشيدي» للشاعر الكبير/ عبدالله عبدالوهاب نعمان، والملحن الفنان الرائع/ أيوب طارش عبسي في بداية السبعينيات، حينما تم تغيير اسم الدولة في الجنوب الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
في دولة الوحدة
ويستطرد قائلاً: وفي دولة الوحدة أي في 22 مايو 0991م تمت المفاضلة أو المفارقة أو المصادفة أو المناصفة وأسفرت عن اختيار نشيد وطني وهو «رددي أيتها الدنيا نشيدي».
وأشار الى أن المفاضلة كانت بين نصين ولحنين هما «في ظل راية ثورتي» و«رددي أيتها الدنيا نشيدي».
وأوضح بأن كاتب نص «في ظل راية ثورتي» هو الشاعر المغمور/ أحمد العماري، وقد كتبه في الأيام الأولى لثورة ولُحن وغُني دون معرفته ومتابعته.
وأضاف أنه في احتفالات العيد الوطني الثاني للثورة في العام 3691م كانت هذه الأنشودة هي دُرّة الاحتفال الذي أقيم في دار سينما بلقيس في العاصمة صنعاء، وقدم لها الأستاذ الشاعر المعروف/ إسماعيل الكبسي، ثم قام الفنان/ علي الآنسي - رحمه الله بغنائها في المواقع العسكرية أثناء الدفاع عن الثورة والجمهورية.
وجهة نظر أخرى
وأتيحت الفرصة للعميد المناضل/ أحمد قرحش الذي استهل مداخلته عن النشيد الوطني بقوله:
- إن الحديث عن النشيد الوطني أول ما يتبادر الى الذهن من قائل النشيد؟ وما هي المناسبة التي اقترنت بهذا النشيد؟ وكيف الأمة استصاغت واستوعبت هذا النشيد؟ كما يتبادر الى الأذهان: هل جودة الشعر هي التي فرضت نفسها على مشاعر الناس؟ أم أن ذلك عن طريق صاحب الشعر؟
وأضاف: كما أن الحديث عن النشيد الوطني شعراً يتبادر الى الذهن العزف الموسيقي الذي أصبح هو الشق الثاني المكمل لهذا الشعر والشاعر أيضاً، وكما تم اختيار الشعر والشاعر فإنه من المكمل لهذا الجمال الشعري هو الجمال الموسيقي الذي بدوره يطرب السامع ويحرك مشاعر الجمهور والذي يجعل المثقف بالدرجة الأولى ومن له علاقة بالوضع الذي يكون فيه المجتمع مؤمن به يذرف الدمع لذلك الوقع الشعري والموسيقي.
في عهود الأئمة
ومن ثم تحدث عن وضع النشيد في عهد الإمامين/ الهادي والمنصور. وأكد أنه كان غير موجود وغير مسموح به لأن الموسيقى كانت من المحرّمات واستمر الحال على نفس النسق مع الإمام/ يحيى حميد الدين.
وأشار الى أن الفن والطرب كان يمنع ويحارب في كل المناسبات.. وكما كان الحال مع الموسيقى في عهد الإمام فإن ما استجد من العلم الحديث مثل: صندوق الطرب، والراديو، فقد كان محلها في اجتهاد الإمام هو التحريم.
وأضاف بأن النشيد الذي كان يردد في العهد الملكي بعد افتتاح إذاعة صنعاء هو عبارة عن رزفة/ زامل كما يسمى في الأهنوم، وهو من ألحان المنطقة، وقد كان يردده الجنود في كل مساء، ومن كلماته:
يا شهارة حماش الله بفضل الإمام
كسّوتش مرت والموزر وصفر المعابر
يحفظ الله إمام الحق اللي في المقام
وقد استمر حال النشيد الوطني في عهدي الإمام يحيى وابنه الإمام أحمد على ما هو عليه خاص بشهارة.
صرخة الميلاد
وأوضح بأنه مع صيحة يوم السادس والعشرين 26م وهو اليوم الذي تغير فيه النظام من ملكي الى جمهوري، وهنا كانت بداية التغيير لكل شيء من النشيد الى العلم.
وأضاف: لقد عُزف النشيد الوطني لموسيقى «الله أكبر يا بلادي كبري..» وهو نشيد مصري ولم يُعزف في الاذاعة إلا يومين ثم أُستبدل بنشيد شباب الكلية الحربية للأخ المناضل/ علي قاسم المؤيد الذي لحّنه/ علي اليتيم، وقد استمر النشيد لفترة.
وأفاد أنه بعد مجيء القوات العربية المصرية استبدل هذا النشيد بنشيد موسيقي لا شعر له وكانت موسيقاه مزيج من السلام الوطني للجمهورية العربية اليمنية ومن نشيد «أخي جاوز الظالمون المدى» ومن «والله زمان يا بلادي»، واستمر الحال هكذا حتى عام 7691م.
وأشار الى أنه بعد ذلك تم تغيير هذا النشيد بنص الشاعر/ أحمد العماري الذي استمر حتى قيام الوحدة وأُستبدل حينها بنشيد الشاعر الكبير/ عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول).
وأوضح في نهاية مداخلته بأن النشيدين قد تعرّضت كلمات منها للتغيير.
خاتمـــة
وفي نهاية الفعالية شكرت الدكتورة/ رؤوفة حسن جميع الحاضرين وجميع الأخوة الذين أثروا المؤسسة بمداخلاتهم وأفكارهم.
|