عقدت يوم الأربعاء 14 ديسمبر 2005م بالمكلا في إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع حضرموت

الساحل محاضرة للوالد الشاعر/ محفوظ عبيد بُنش والأستاذ/ صالح حسين الفردي بعنوان : الشاعر سالم عبد الله رزق الله ذكريات ونظريات في شعره .
المحور الأول :
استهل المحاضرة الوالد/ محفوظ عبيد بُنش نبذة عن حياة الشاعر سالم عبدالله رزق الله وأخلاقياته الأدبية ، حيث كان صديقاً حميماً له منذ الصغر وذكر أن الشاعر كان من أسرة فقيرة ولد في حي الشهيد خالد في المكلا و خلال تعليمه التحق بالمصحة المدرسية و اختير من قبل الإدارة مشرفاً على مركز النورللمكفوفين وبعد فترة أعطيت له منحة إلى مصر مع عدد من المكفوفين لتعلم صناعة الخيزران . واستطرد قائلا :
كان سالم عبدالله لا يجيد الشعر ولكنه كان يحضر معنا في جلسات شبابية شعرية وبعدها بدأنا نحضر جلسات شعرية للشعراء الكبار أمثال عبيد سنكر و المفلحي وبكير وغيرهم وهكذا بدأنا التعلق بالشعر ، وكان سالم عبدالله جريئاً ، فذات يوم في أحد الجلسات الشعرية لكبار الشعراء قال إن لديه بيتا شعريا فألقاه عليهم وكان البيت قافيته ( والعيون مكحلات ) واصفاً في ذلك البيت الرجال فعاب عليه الشعراء هذا الوصف لأن هذا الوصف يكون وصفاً للنساء وليس للرجال فعاد إلى مجلسه كسيراً ، وفي ختام تلك الجلسة قال لنا الشاعر عبيد سنكر: إن كنتم تريدون أن تتعلموا الشعر فعليكم الخروج صباحا على السيف ( الساحل ) مرددين: ذا فصل والثاني عدة مرات وفي تلك اللحظة كان سالم عبد الله قد بدأت عنده الرغبة في أن يكون شاعراً . وفي صباح اليوم الثاني طبق ما قاله لنا الشاعر عبيد ، واستمر بعزم وإصرار وكان كلما كتب عدة أبيات أطلعني عليها فكنت أوافقه أحيانا وأنقده أحيانا وكان كلما كتب قصيدة يعرضها على سالم باشعيب وكان رجلا كبيرا مغنيا فيذهب إليه كي يغنيها له . وبعد فترة حدثت في الحي تفرقة بسبب الألعاب الشعبية واستمرت هذه التفرقة ثمان سنين تقريبا ، كل الأحياء المجاورة لهذا الحي تقيم ألعابها الشعبية إلا هذا الحي ، فساءه هذا الوضع فقرر أن يصلح بين عقال وأعيان هذا الحي وفعلاً حدد الموعد والمكان ووزع الدعوات قرابة خمسين دعوة كتبناها في ظروف سياسية كانت تمنع مثل تلك التجمعات وبعد أن تم الاجتماع الذي تمخض عنه الصلح بين العقال والأعيان للحي استعان بثلاث شخصيات في إخراج رخصة إقامة شبواني من الدولة فأبدوا استعدادهم وبعد ذلك أقام عقلاء الحي بهذه المناسبة رحلة

ترفيهية شارك فيها الشاعر سالم بقصائد من شعره .
كان يقام في الشحر في عيد الشهداء السبعة كتقليد سنوي أفراح وشبواني وأسمار تقدمها عدد من الفرق والحويف ( الحويف جمع حافة ). فأحب الشاعر سالم المشاركة ودخول المدارة ( مدارة الشبواني ) وكان من عادة الشعراء إذا أراد أن يحمس شاعراً ويريده أن يشارك من بعده استثاره ببيت شعري ، وفي إحدى تلك الأعياد التي حضرناها قال أحد الشعراء بيتا شعريا يستثير به أحد الشعراء قال فيه :
إيش لك يالبحسني في أرض عاد *** والعلم يرفرف في سعاد
ففهم الشاعر سالم عبدالله أن المقصود بهذا البيت هم أهل المكلا فوجد الفرصة ودخل المدارة ومن هنا أتت شهرته ، وألقا فيها أبياته التي ذكر فيها الرمز الذي اشتهر به وهو القادري ولما ذكر سالم هذه الأبيات كان فيها تنجيم بأن شيئا ما سيكون ، لم يدرك أحد من الشعراء الموجودين هذا إلا الشاعر الكبير المحضار عرف ما فيها وتأويلها . وبعد مرور فترة من الزمن توفي الشاعر سالم عبدالله في ظروف غامضة إلى اليوم بعد أن سيست القصيدة وفسرت تفسيرات غير قصد الشاعر الذي لم يكن له دخل بالسياسة وتلقيت عزاءه بحزن بالغ لأنه لم يكن له أحد من أقاربه يستلم العزاء لوفاته إلا أنا فرحمة الله عليه.
القادري هو مركب كبير مصنوع من الخشب كان مُلك لأحد تجار المكلا وكان تحمل عليه البضائع ويستطيع حمل ألف وخمسمائة كيس من الأرز - حسب ما ذكر المحاضر - وأن القادري قد خرب ولم يعد صالحا للعمل فترك في البحر قرب الساحل .
وبهذه الأبيات غير اتجاه الشعر الشعبي وبدأ التراث البحري حيث تأثر بهذا الفن عدد من الشعراء منهم المحضار و باحشوان .
المحور الثاني :
تناول الأستاذ / صالح حسين الفردي تأملات في قصيدة الشاعر والتي بعنوان : معذور ربان السفينة . واستهل حديثه منبها إلى أن الثالث عشر من ديسمبر هو الذكرى الحادية والعشرين للشاعر الشاب سالم عبدالله رزق الله ( 1954 – 1985 ) . الذي اشتهر بشطر البيت وأصبح مثلا مشهوراً ، يقول فيه : ( حرام القادري مزقول ) . حيث استخدم هذا الرمز البحري ورموزا بحرية أخرى جاءت معتمدة على الإيحاءات ، وهذه الميزة أو الطريقة يسلكها الشعراء لتجنب الضرر فيختفي الشاعر خلف كلماته كي توصل مقصوده إلى من يفهمون القصد والمعنى من هذه الأبيات من دون أن يصيبه أذى وذكر أن قصيدة ربان السفينة هي أشهر قصائد الشاعر سالم عبدالله .
رمز القادري أيضا استخدمه الشاعر الكبير المحضار في قصيدة له وكذلك الشاعر باحشوان استخدم هذا الرمز إلا أن شاعرنا هو من اشتهر به.
وتطرق الناقد صالح الفردي إلى أبيات من أقوال الشاعر عن القادري بالتحليل حيث إن الشاعر كان متحسراً على ذهاب القادري وذهاب زمانه وتمنى عودة ذلك الزمان.
ثم تطرق إلى المقارنة بين الشاعر سالم عبدالله و المحضار و باحشوان من حيث استخدام الرموز البحرية وذكر أن الشاعر/ سالم عبدالله استخدم اثني عشر رمزاً و المحضار ستة رموز و وكذلك باحشوان ، وكل واحد من هؤلاء الشعراء وظف هذه الرموز على حسب زمانه وما يريده ، فنرى أن سالم امتدح رمز القادري بينما على العكس من ذلك المحضار و باحشوان الذي لم يكتفيا بذمه بل عرّياه عن الغموض بالوصف . فمن هذا نستنتج أن القادري ليس القادري وأن الزمان ليس هو الزمان المقصود عند كل شاعر من الشعراء الثلاثة رغم أن الرمز المستخدم هو نفسه.
بعد ذلك شارك بعض الحضور بمداخلات أثرت الموضوع وخرجوا بمقترح وهو التنبيش والبحث عن الشباب الناشئ المحب للشعر والاهتمام بهم حيث قدم الوالد محفوظ بنش استعداده للتعاون معهم في هذا المجال . وقدم الشاعر الوالد / محفوظ عبيد بنش قصيدة يرثي فيها صديقه الحميم الشاعر سالم عبد الله في ذكراه الحادية والعشرين نالت إعجاب واستحسان الحضور.
وقد حضر المحاضرة الدكتور/ سعيد سالم الجريري - رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بساحل حضرموت ، والأستاذ/ حسين عمر باصالح - رئيس منظمة حقوق الإنسان بحضرموت ، والأستاذ/ سالم سعيد باعامر - مدير عام مكتب الثقافة والسياحة بالساحل ، والأستاذ/ عبدالقادر سعيد بصعر - مسؤول الإعلام بمكتب وزارة التربية والتعليم ، والدكتور/ عبدالقادر علي باعيسى - نائب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بساحل حضرموت ، وعدد من الدكاترة و المثقفين والمهتمين.