حضرموت بحاجة ماسة إلى سرعة الالتفات
السبت 2/يونيو/2012- موقع محافظة حضرموت/الثورة نت - عبدالحكيم صالح بن مخاشن
روى لي شخصيا المناضل / فيصل العطاس ( النعيري ) محافظ محافظة حضرموت الأسبق أطال الله في عمره ومتّعه بالصحة مع بداية أعوام السبعينيات من القرن المنصرم في عهد الرئيس المرحوم سالم ربيع علي ( سالمين ) الذي كان رئيسا للدولة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، قرّر عدم توريد إيرادات محافظة حضرموت لخزينة الدولة المركزية في العاصمة عدن ، وقد اتخذ حينها ذلك القرار الخطير والصعب ، بعد ان أوصله بعض وزراء الحكومة إلى درجة عالية من اليأس والإحباط بسبب عدم استجابتهم لمطالبه الخاصة باحتياجات المحافظة من المشاريع والخدمات الضرورية .

طبعا الرئيس الشهيد سالمين ومعه كل قيادات الدولة في العاصمة عدن لم يتهموا المحافظ ولا أبناء حضرموت ، بأنهم انفصاليون أو ان لديهم نزعة انفصالية للانفصال عن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لإقامة دولة حضرموت ، كما تروّج له بعض وسائل الإعلام المحلية في هذا الزمان لقناعة الرئيس الشهيد سالمين وكل قيادات الدولة ان أبناء حضرموت أكثر وحدوية من غيرهم ممن يتشدّقون بالوحدة زورا وبهتانا ، فهم أكثر حبا للوحدة ولكنهم لا يقبلون الظلم والباطل مهما كان مصدره ، كما ان قيادات الدولة في عدن كانوا يعرفون انه لو كان لدى أبناء حضرموت نزعة انفصالية أو أنهم يطمعون لإقامة دولة حضرموت لكانوا أعلنوها فعلا عندما توفرت لهم الفرصة التاريخية الحقيقية في 17 سبتمبر 1967م حينما سقطت حضرموت بأيدي ثوار حضرموت ، ولكن روحهم الوحدوية وتكوينهم الثقافي جعلهم ينتظرون شهرين ونصف الشهر حتى يتم إعلان استقلال عدن في 30 نوفمبر 1967م ، ليعلنوا انضمامهم طوعا لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية » رغم ان حضرموت كانت ضمن مكونات المحميات الشرقية بجيشها المستقل والمعروف بجيش البادية الحضرمي ، ولم تكن ضمن مكونات حكومة اتحاد الجنوب العربي التي ضمت كيانات المحميات الغربية » على العموم بعد ان توقف المحافظ حينها فيصل العطاس عن توريد إيرادات المحافظة لخزينة الدولة في عدن ، عمل الرئيس الشهيد على استدعاء المحافظ إلى عدن ، لمعرفة الأسباب التي دفعته لاتخاذ ذلك القرار ، طبعا استجاب المحافظ للدعوة وقدم وشرح هموم ومعاناة المواطنين والعراقيل التي واجهها ، فتفهم الرئيس الشهيد سالمين واقتنع بالحجج واصدر توجيهات صارمة للحكومة بسرعة الاستجابة لاحتياجات المحافظة ، بل وزاد على ذلك قراره المشهور بان يخصص للمحافظة جزء من الايرادات أو استحداث موارد محلية للمحافظة وعلى اثر ذلك القرار جاء إنشاء ما كان يعرف بصندوق الخيرية أو صندوق تطوير المحافظة بموارده المحلية .
يبدو الآن ان الأسباب التي دفعت المحافظ حينها فيصل العطاس » النعيري » لاتخاذ قراره بعدم التوريد لخزينة الدولة في عدن ، تعيد إنتاج نفسها أمام المحافظ الحالي خالد الديني ، فمحافظة حضرموت التي ترفد خزانة الدولة بما يزيد أو يقل قليلا عن 70% من إجمالي الايرادات العامة للدولة ، بل والتي كانت الرافد الرئيسي وربما الوحيد لخزينة الدولة بالموارد خلال بعض أشهر الأزمة السياسية في العام المنصرم أثناء توقف تصدير النفط الخام من حقول مأرب بسبب أعمال التخريب التي تعرضت لها أنابيب نقل النفط ورغم ما تقدمه المحافظة من مساهمة كبيرة ومؤثرة من موارد مالية لرفد خزينة الدولة بالايرادات العامة ، إلا ان محافظة حضرموت بأبنائها يعيشون الظلم والحرمان ولتجنب اتهامات ضعفاء النفوس بأننا نجني على الآخرين نورد بعضاً وليس جميع الأمثلة على الضيم اللاحق بحضرموت :
1- منذ ما يقارب العشرين عاماً تم مصادرة بعض المزارع المملوكة للمواطنين لإقامة مطار سيئون ووعد الملاك بالتعويض العادل والى يومنا هذا لم يتم تعويض ملاك تلك المزارع .
2- في عام 2005م وأثناء الاحتفال بالذكرى الخامسة عشرة للوحدة في مدينة المكلا بحضرموت تم تكليف عدد من المقاولين ومؤسسات المقاولات بتنفيذ مشاريع البنية التحتية بالمحافظة وعمل المقاولون والمؤسسات الخاصة ومن أموالهم الخاصة على تنفيذ تلك المشاريع في أوقات قياسية مع تعثر بعضها والى الآن ورغم مرور ما يقارب العشر سنوات لم تصرف مستحقات المقاولون والمؤسسات المنفذة مما تسبب في إعلان إفلاس عدد منهم رغم ان الدولة دفعت للحالات المشابهة في محافظات أخرى.
3- رغم تزايد أعداد المرضى المصابين بالفشل الكلوي في حضرموت إلا ان الدولة لم تكترث لذلك فلم تعمل على تمويل مشروع إقامة ولو مركز واحد لغسيل الكلى وأمام هذا الإهمال الحكومي الممنهج بادر أهل الخير من أبناء المحافظة بتمويل ثلاثة مراكز لغسيل الكلى في كل من المكلا والقطن وسيئون.
4- في عام 2008م تعرضت كثير من الممتلكات العامة والخاصة لأضرار فادحة بسبب كارثة الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة فتعطلت الحياة وتشرد المواطنون فبادرت الدولة بالتبرع بمائة مليون دولار كما بادر جلالة الملك العربي الأصيل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة للتبرع بمبلغ مائة مليون دولار لإعادة إعمار الأضرار في كل من محافظتي حضرموت والمهرة كما تبرع بسخاء عدد من التجار بأموال نقدية لم يكشف عن حجمها بالإضافة إلى تبرع الرئيس العربي الأصيل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ببناء ألف مسكن لإيواء المتضررين من كارثة الأمطار والسيول بواسطة جمعية الهلال الأحمر الإماراتي كما ساهم البنك الدولي بمبلغ أربعين مليون دولار لإعادة إصلاح الطرقات المتضررة وتهذيب مجاري السيول ومع هذه أن التبرعات النقدية ليست لها علاقة بموازنة الدولة باجراءاتها الطويلة والمعقدة فهي مرصودة في حساب أو حسابات خاصة بإعادة الإعمار إلا ان مساهمة البنك الدولي الخاصة بإصلاح الطرقات وتهذيب مجاري السيول لحماية القرى والمدن ما زالت مجمدة رغم مرور ما يقارب الأربع سنوات منذ حدوث الكارثة وما خلفته من أضرار  أما التبرعات النقدية المخصصة لتعويضات المتضررين والتي كان ينبغي رصدها مباشرة في حساب الإدارة التنفيذية لصندوق إعادة الأعمار في حضرموت لضمان سرعة تعويض المتضررين الذين ما زال الكثير منهم مشردون على عقليات بعض القيادات ظلت التبرعات النقدية محجوزة في صنعاء ويتم تحويل بعضها بالقطارة إلى حضرموت مما تسبب في تأخير أعمال إعادة الإعمار وتعويض المتضررين طيلة الفترة الماضية منذ حدوث الكارثة في عام 2008م.
5- هل تصدقون أن المخصصات المالية لتنفيذ مشروعي الصرف الصحي لكل من مدينتي سيئون وتريم بحضرموت قد توفرت من المؤسسات المانحة منذ عام 2005 والى الآن لم يتم تنفيذ المشروعين رغم مرور تسع سنوات منذ توفير التمويل ورغم الحاجة الملحة بيئيا وفي ظل التوسع العمراني المتسارع.
6- من يصدق يا سادة يا كرام بان محافظة حضرموت التي ترفد خزانة الدولة بما يزيد عن 70% من ايراداتها لا توجد في اكبر مستشفياتها » هيئة مستشفى ابن سيناء بالمكلا » جهاز أشعة مقطعية رغم الحاجة الضرورية والملحة مع ان هذا المستشفى يقدم خدماته الصحية والعلاجية للمرضى القادمين من محافظتي شبوة والمهرة إلى جانب المرضى في حضرموت بمساحتها الشاسعة وكثافتها السكانية .
7- أما الشركات النفطية العاملة في حقول النفط بحضرموت وما تسببه من تلوث بيئي وما تخلفه من أمراض خطيرة لمواطني مناطق الامتياز وحرمانهم من التوظيف والمنح الدراسية المخصصة من الشركات وحرمانهم من الحصول على فرص العمل في مجال الخدمات النفطية والتلويث الخطير والقاتل للمياه السطحية والجوفية وكل من يحاول الحديث عن هذه القضايا الخطيرة فالتهمة جاهزة له مخرب إرهابي انفصالي عنصري هذا إذا لم يتعرض لحادث مروري مؤسف أو يغتاله مجنون.
8- في عام 2011م اعتمدت الدولة 500 ألف حالة ضمان اجتماعي فحضرموت بتعداد سكانها البالغ اثنين مليون نسمة تقريبا وارتفاع مستوى الفقر فيها بحسب تقييم خبراء البنك الدولي حصلت على 12 ألف حالة ضمان اجتماعي من إجمالي عدد الحالات الجديدة التي اعتمدتها الدولة في الوقت نفسه حصلت إحدى المحافظات على خمسة وثلاثين ألف حالة جديدة تقريبا رغم ان تعداد سكانها يساوي اقل من 20% من تعداد سكان حضرموت.
9- في عام 2005 أعلن الأمير سلطان الخير بن عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه واسكنه فسيح جناته عن تبرعه بمبلغ عشرة ملايين دولار أمريكي لبناء مركز لأورام » السرطان » في مدينة المكلا بحضرموت والى الآن لم يتم تنفيذ هذا المشروع الخيري الإنساني رغم مرور ما يقارب العشر سنوات وكأن هناك أيادٍ خفية تعمل عل عرقلة تنفيذه.
10- لتغطية حاجة المواطنين من الطاقة الكهربائية عملت الحكومة على الاستعانة بشركات القطاع الخاص لتغطية النقص في الطاقة الكهربائية فتعاقدت على شراء الطاقة الكهربائية من تلك الشركات المتعاقدة معها منذ ما يزيد على العام فاضطرت هذه الشركات بالتهديد إلى توقيف مخصصات توليد الكهرباء التابعة لها مع العلم بأن هذه المحطات تولد أكثر من ستين ميجا وات وإن تأخرت الدولة في سداد ديون هذه الشركات ونفذت تهديدها بإيقاف التوليد فإن صيف أبناء حضرموت هذا العام سيكون خانقا ومميتا مع ان مؤسستي الكهرباء في كل من ساحل ووادي حضرموت ترفد خزينة المؤسسة العامة للكهرباء في صنعاء بمئات الملايين من الريالات شهريا ، نكتفي بالأمثلة سالفة الذكر ونطالب بسرعة معالجة قضايا المحافظة، والله من وراء القصد.