حمى الله حضرموت من كل مكروه
الأربعاء 17/12/2008- المكلا /موقع محافظة حضرموت/ محمد علي عمره
دروس وعبر وعظات يجب ان نستخلصها من كارثة الامطار والفيضانات التي شهدتها محافظة حضرموت من خلال الاسبوع الاخير من شهر اكتوبر المنصرم وذهبت بالعديد من الناس الى المقابر وتركت مصير البعض منهم مجهولا واحدثت دمارا كبيرفي الممتلكات العامة والخاصة فلله الامر من قبل ومن بعد.

ولم تكن عمليات الانقاذ والايواء والاغاثة في مستوى حجم الكارثة الاليمة ولم تاتي بمستوى امال وطموحات الناس .. وذهب الناس في التحليل والتأويل وفي التعليل والتبرير .. وفي الترميز والتنظير .. وجاءت اراء متباينه من الكثير من ابناء حضرموت في الداخل والخارج يمكن اجمالها في ثلاثة اتجاهات:
اولها: ان الكارثة كانت كبيره والفاجعة جاءت اليمة ولم تكن في مستوى حجم امكانيات السلطة المحلية المادية والفنية.
وثانيها: ان هول الكارثة وجسامتها كان كبير, وانعكس ذلك سلبا على السلطة المحلية في بعض المديريات والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي لم تتحرك الا بعد حين.
ثالثها: ماذهب اليه الناعقون الذين راحوا ينشرون الاشاعات المثبطة لعزيمة السلطة من خلال
بعض الابواق الاعلاميه حتى صرنا ننام ونصحوا على كم كبير من الشائعات التي تفت في عضد السلطة وتوهن عزيمتها حتى وصلت مثل هذه الشائعات الى راس السلطة هنا في حضرموت ولكل بلد طابوره الخامس ولكل وطن تجار كوراث  وأزمات.
واذا كان الرئيس القائد اول المغيثين لحضرموت جاء اليها غير عابىء بما يمكن أن تخبئة له الاقدار وفي وقت كانت وماتزال فيه السماء تنهمر بالامطار الغزيره والسيول تتدفق من كل الشعاب والوديان حتى تلك التي لم نعهد منها ان تاتينا بالسيول الجارفة في مامضى فان ذلك واجب عليه اقتضته امانة المسؤوليه الملقاه على عاتقه فحرص على تاديتها وأراح بذلك ضميره وهو يحتاج منا الى الثناء والتقدير.
واذا كان من لازمة هنا تقتضيها شرعة العدل والانصاف فانه لابد من قول ان المحافظ (الاسبق) عبدالقادر هلال قد فكر وعمل واجتهد خلال تحمله مسؤولية ادارة المحافظة.
ونجح في أنتزاع الاعتمادات للعديد من المشاريع الحيوية التي حظيت بها حضرموت في شتى المجالات وظل يتابع و يراقب و يسهر حتى رأت هذه المشاريع النور.
و أظهرت الأمطارو السيول العيوب الفنية لبعض هذة المشاريع و برأي الكثيرين و أنا واحد منهم ان هذه الاخطاء و العيوب يتحملها المقاولون و المهندسون و الفنيون الذين نفذوا هذه المشاريع فهم وحدهم من خان أمانة المسئولية التي انيطت بهم.
وبعد فان الواجب المهني و الأخلاقي يفرض على حملة الأقلام النظيفة ليس التباكي على الأطلال و لا التشفي في بعض من أوكلوا مهام الاغاثة و الايواء لبعض المسئولين من قليلي الخبرة ولكن الواجب يقتضي التبصير بضرورة استخلاص العبر  و الدروس من هذه الكارثة الاليمة و قد أشار بعض خبراء الارصاد و المناخ ان مثل هذه الكوارث تكرر نفسها كل ثلاثين عاماً بإذن الله تعالى ... و إذا كان لي ان أدلي بدلوي بذكر بعض الدروس و العبر التي يجب ان نستخلصها فانني أسجل للتاريخ وبراءة الذمة فأقول :-
-    1- الرضا و القبول بما قدر الله و قضى فهو وحده المتصرف في الكون ... القاهر فوق عبادة  فله وحده الحمد  و الشكر  فهو سبحانة الذي لا يحمد على مكروه سواه.
-    2- سعي كل فرد منا على اصلاح نفسه على طريق اصلاح المجتمع كله .. و ليتحسس كل منا نفسه ليتأكد هل فيها مقومات المسلم الحقيقي الذي يسلم المسلمون من لسانه و يده .. لان التغيير يبدأ من النفوس مصداقا لقوله تعالى  ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
3-  العمل على إزالة أشجار ( السيسبان ) و كل العوائق الاخرى من ممرات السيول حتى لا  تتكرر مثل هذه الكوارث و الفجائع في المستقبل
4- الحرص على توفير مخزن كافي من المياه يؤمن حاجة المدينة منها وقت حدوث مثل هذه الكارثة و العمل على اختيار اماكن مناسبة للمواسير الرئيسية للمياه بعيدا أماكن عبور السيول الجارفة
5- أظهرت لنا هذه الكارثة فتور بعض المؤتمنين على أرواحنا الذين يرغون و يزبدون في أوقات الرخاء لكنهم عند الشدائد والمصائب تنكشف عوراتهم فعلينا إذن ان نتحسس رؤوسنا فقد أينعت بعض الرؤوس وحان قطافها
6- العمل  على إعادة النظر في العديد من المخططات السكنية و التجارية التي لم تضع الحسابات اللازمة للسيول الجارفة .. وكان هم واضعيها و شغل  منفيديها الكسب  الرخيص السريع حتى على حساب الارواح و الممتلكات العامة و الخاصة.
7- الاهتمام بتنفيذ المشاريع في شتى المجالات و في المقدمة منها قطاع الطرق وأسنادها لذوي الخبرة و النزاهة و الكفاءة بعيداً عن المجاملة .. و اسناد مهام مراقبة التنفيذ لمهندسين من ذوي الخبرة والنزاهة حتى يأتي تنفيذ المشاريع بحسب جداول كمياتها وكما هو مرسوم لها .
8- مضاعفة جهود الاعمار والبناء وسرعة حل مشاكل الإيواء للمتضررين في مساكن تؤمن لهم العيش الكريم خاصة أولئك الذين فقدوا مساكنهم وربما بعض أهلهم حتى نرفع هاماتنا أمام أهلنا.
9- العمل على إبعاد أعمدة الكهرباء أو على الأقل سرعة إعادة التيار للمشتركين في وقت قياسي.
10- التعويض العادل للمتضريين الحقيقيين الذين فقدوا مصادر رزقهم وباتوا في ليلة وضحاها عالة على غيرهم بما يؤمن لهم الكسب الشريف من خلال إعادة تأهيل مزارعهم أو مصادر عيشهم الأخرى.
11- بسط الدولة لهيمنتها وسلطانها وقوة نفوذها بحيث لاتترك مجالا للعابثين بأراضي وعقار الدولة يتعمدون البناء العشوائي الذين بنوا بدون وثائق ولا تراخيص بناء.
12- زيادة الأهتمام بأحوال المناخ وتحذيرات مراكز الأرصاد الجوي وتبصير الناس بها حتى لايكونوا عرضة للمخاطر كما حدث في بعض القرى والمناطق خلال هذه الكارثة الأليمة.
13- تقديم المعلومات اليومية للناس بمنتهى الصدق والوضوح والشفافية عن عمليات سير الأيواء والإغاثة والمساعدات التي تصل من الداخل والخارج وطرق وأساليب توزيعها على المتضررين حتى لانترك فرصة لهواة الصيد في المياه العكرة ومروجي الشائعات الحاقدة.
14- العمل على إيجاد المخارج الفنية اللازمة لتصريف مياه الأمطار حتى لاتظل تجتمع في الشوارع مسببة بركاَ كبيرة يتزاحم الأطفال على اللعب فيها وتكون مرتعاَ خصباَ لتكاثر الحشرات المضرة بصحة الإنسان.
15- السمو والترفع فوق الأحقاد والضغائن في مثل هذه الكوارث والأزمات والابتعاد عن المماحكات والمكايدات والكسب السياسي الرخيص على حساب المتضررين من الناس الذين يحتاجون لكل يد حانية تمتد لمساعدتهم .
16- العمل على ابتكار أساليب لتصريف مياه السيول سواء من خلال بناء السدود أو تعميق حفر ممراتها أو تحويل أماكن جريانها بحيث يأتي تأثيرها محدوداَ على المدن والقرى ومشاريع البنية التحتية.
وبعد فان الدعاء مخ العبادة فعلينا أن نتضرع بالدعاء الى الله أن يحفظ حضرموت وأهلها و سائر أرجاء الوطن من كل مكروه وأن يحمينا من بعض أهلنا الذين جعلوا من مصائبنا فوائد لهم عملاَ بالمثل القائل (مصائب قوم عند قوم فوائد ) .
                                                     والله من وراء القصد.