الدان الحضرمي
السبت 31/5/2008-
موقع محافظة حضرموت / سعيد صالح بامكريد

تمتلك حضرموت ، ساحلاً ووادياً موروثاً ثقافياً وفنياً وحضارياً جميلا
ونافعاً بتنوعه وتعدد منابعة ومصادره .. فعلى سبيل المثال تشتهر مدنه
الساحلية المكلا والشحر والغيل بالثروة السمكية والتعليم المبكر والغناء
الساحر والألعاب الشعبية ،
كذلك تتميز مدن الوادي بالزراعة والدان الحضرمي والأناشيد الصوفية ، وكذا فن العمارة الطينية ، كما هو الحال في مباني مدينة شبام الشاهقة وقصور سيئون وتريم التاريخية . الخصوبة الثقافية والفنية بوادي حضرموت تكاد تشي عن نفسها بوضوح ، حين تقدم لتصافح الزائر والباحث والسائح وكل قادم إليها .. أبرز تجليات تلك الخصوبة تتبدى بجلاء في الدان الحضرمي وأشعاره وألحانه الدافئة . كتب المؤرخ والباحث الراحل : عبد القادر الصبان في كتابه " الدان في حضرموت " الصادر عن مكتبة الحياء بمدينة المكلا قائلاً : " الدان الحضرمي نغمات موسيقية وتوقيعات فنية مطربة تحليق بالروح في سماوات الخيال وتطوف بالنفس في رياض الأماني ، فتعود الروح وقد تخلت من عالم القيود وطافت بعالم السعادة والهناء ، وتزودت من عذب الغناء زاداً ينسيها آلامها وأحزانها " . من هذا المنطلق نجد أن أغلب الباحثين في مجال الغناء و الطرب الحضرمي يرون بأن الأغنية الحضرمية الأصيلة هي تكك الأغنية الصاعدة من فن الدان ، وهذا يؤكده واقع الحال ، حيث أن أكثر الأغاني الحضرمية إنتشاراً ومحبة عند الناس هي أغاني الدان ، بل أن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك إذ يرون فيها ، أو يعتبرونها الأصدق تعبيراً عن هواجس الحضرمي وأحلامه ، لذا هي الأكثر تداولاً عند الأجيال باعتبارها الأعذب لحناً والألصق بالبيئة الحضرمية . ينظر إلى الشاعر خميس الكندي كأحد أهم شعراء الدان الذي أنجبهم وادي حضرموت بمدنه العريقة التي ذكرنا .. الشاعر الكندي من أكثر الشعراء افتخاراً بفن الدان وأشعاره ، بل ويعتبره كما قال " حرفة العشاق " .. لنرى ماذا قال هذا الشاعر البديع : ذا فصل والثاني سمر يا سعيد ذكر كل عاشق الدان يومه حرفة العشاق الدان خطتهم ومنبتهم وله زاعق وناعق يتذكر النغمات كل عاشق ومعشوق " إلى جانب الشاعر الكندي ظهر شعراء متميزون لغن الدان وشعره ، البعض منهم نال شهرة واسعة وذاع صيته كثيراً مثل حداد بن حسن الكاف ، الذي يراه الباحثون الأب الروحي لهذا الفن ، وقد غنى من كلماته كبار فناني حضرموت خصوصاً مجدد الأغنية الحضرمية الفنان الراحل محمد جمعة خان ، الذي تعامل كثيراً مع أشعاره وحولها إلى أغان جميلة خالدة مثل رائعته الشهيرة " بأسلك ياعشور " ناخذ منها : بسألك ياعشور عن حال البلد وأخبار " عنانا " وكيف الناس والبلدة ؟! بالله خابر عاد من بعد أو عادهم في ذكر حداد " ومن أبرز شعراء الدان أيضاً إلى جانب الكاف ، مستور حمادي ، وسالم عبد القادر العيدروس .. أما أشهر ملحني الدان فهو الراحل سعيد مبارك مرزوق . تعتبر مدينة " تريم " والتي يطلق عليها أهلها " الغناء " معقل لهذا الفن – الدان الحضرمي – وكما كان أبرز وأشهر فرسان هذا الفن الشاعر الراحل حداد بن حسن الكاف ، فإن حفيده الشاعر والملحن الكبير عبد القادر محمد الكاف هو أشهر وألمع شعراء الدان في وقتنا الحاضر ، وإلى جانبه عدد آخر من الشعراء المعاصرين مثل الشاعر / طالب عمر بن شملان ، أحمد فرج فقيهان ، عبد الله سعد الله الشتوي .. أما مغنو وملحنو الدان حالياً فهم ، عوض يسلم بن بريك ، صالح كرامه بكر ، حسين علي بامليص وآخرون . أما أشهر المطربين والفنانين المرتبطين بأشعار الدان في الوقت الحاضر هم : الفنان والملحن الكبير حسن صالح باحشوان والفنان المبدع سالم مبارك محيور . ويمكنني القول أن الفنان الخالد محمد جمعة خان هو من أستطاع إيصال أغاني فن الدان إلى متذوقي وعشاق الغناء الحضرمي ، داخل اليمن وخارجه ، ومن خلاله أزدهر وأنتشر هذا النوع من الطرب الأصيل .
** سعيد صالح بامكريد
|